ودلالة الأخبار أيضا غير واضحة ، إذ حكم اليقين إنّما كان ثابتا لشيء آخر ، والذي لا يجوز نقضه بالشّك هو الحكم المتعلّق بالماهيّة السّابقة ، ولم يبق بحالها حتّى يحكم جواز نقض حكمها ، فما حصل الجزم بالاستحالة العرفيّة ، فيحكم بانقطاع الاستصحاب فيه ، وما حصل الجزم بعدمه ، فيجزم بجريان الاستصحاب فيه ، وما حصل الشّك فيه ، فيرجع الى سائر الأدلّة ثمّ الى الأصل.
وممّا ذكرنا ، يعرف الكلام في الانتقال ، مثل انتقال دم الإنسان الى بطن القمّل والبرغوث والبقّ.
وهنا وإن كان تبدّل الحقيقة في غاية الخفاء سيّما في أوّل مصّ هذه الحيوانات للدّم ، وخصوصا في العلق ، ولكن إطلاق دم الحيوان الغير ذي النّفس على هذا الدّم ، مع عدم تصوّر دم لأغلب هذه إلّا ما في بطنها من جهة المصّ ، يوجب الحكم بالطّهارة.
ففي الحقيقة يرجع الكلام في أمثال ذلك الى وجود المعارض ، لا عدم إمكان جريان الاستصحاب ، ولذلك توقّف بعض المتأخّرين (١) في إفادة تغيّر الموضوع في ترك العمل بالاستصحاب ، وتأمّل في كون تغيّر الموضوع قاطعا للاستصحاب.
__________________
(١) نقل في الحاشية انّه المحقق والعلامة والشيخ محمد بن الشيخ حسن ولم أجد في بعض مصادرهم الأصولية ذلك أصولا ولا سيّما الأوّلين. ويمكن مقصوده ما تعرّض إليه فقها في «المعتبر» ص ١١٧ ، وص ١٢٨ المحقّق ، وفي «منتهى المطلب» ص ١٧٩ ـ ١٨٠ العلّامة أو ما نقل عنهما المحقق السّبزواري في «الذخيرة» ١٧٢ ، وأعلم أنّ الوحيد في «فوائده» ص ٢٨١ ، وفي رسالة الاستصحاب من «رسائله الأصولية» ص ٤٤٣ تعرّض لنفس المسألة قال في نهايتها : وتأمّل بعض المتأخّرين في ذلك وليس بشيء.