الثالث
ذكر بعض المتأخّرين (١) للعمل بالاستصحاب بعض الشّروط ، مثل أن لا يكون هناك دليل شرعيّ آخر يوجب انتفاء الحكم الثابت أوّلا في الوقت الثاني ، وإلّا فتعيّن العمل بذلك الدّليل إجماعا ، ومثل أن لا يعارضه استصحاب آخر.
أقول : إن أراد من الدّليل ما ثبت رجحانه على معارضه ، فلا اختصاص لهذا الشّرط بالاستصحاب ، بل كلّ دليل عارضه دليل أقوى منه مترجّح عليه ، فلا حجّية فيه ، ويعمل على الدّليل الرّاجح ، فلا مناسبة لذكر ذلك في شرائط الاستصحاب.
وإن أراد من الدّليل ما يقابل الأصل.
ففيه : أنّ الإجماع على ذلك إن سلّم في أصل البراءة وأصل العدم ، فهو في الاستصحاب ممنوع.
ألا ترى أنّ جمهور المتأخّرين قالوا : أنّ مال المفقود في حكم ماله حتّى يحصل العلم العادي بموته ، استصحابا للحال السّابق ، مع ما ورد من الأخبار المعتبرة بالفحص أربع سنين (٢) ، ثمّ التقسيم بين الورثة ، وعمل عليها جماعة من
__________________
(١) وهو الفاضل التوني في «الوافية» ص ٢٠٨.
(٢) في حاشية السيد علي القزويني لا شهادة فيه بما استشهد له من مقاومة الاستصحاب للدليل ، فإنّ مبنى ما عليه جمهور المتأخّرين من استصحاب الحالة السّابقة في مال المفقود الى أن يحصل العلم العادي بموته ، على تقدير عدم حصول الفحص أربع ـ