وفيه نظر. فإنّ من الظّاهر أنّ نجاسة الخشب حينئذ ليس لأنّه خشب لاقى نجسا ، بل لأنّه جسم لاقى نجاسة ، وهذا المعنى لم يزل.
والحاصل ، أنّ الحقائق المتخالفة عرفا ، كالعذرة والتّراب والرّماد ، لها أحكام مستقلّة برأسها ، سواء كانت متوافقة في الحكم أو متخالفة ، وأمّا مسحوق ماهيّة كالطّحين للحنطة ، أو منضوجها ، كاللّحم المطبوخ ، والخبز ، ونحو ذلك ، فلا يتبدّل بذلك حقيقتها عرفا ، كما [لا] تتبدّل حقيقة أيضا ، فما ثبت تبدّل حقيقته عرفا ، فينتفي فيه حكم الاستصحاب ، لثبوت التعارض حينئذ بين ما دلّ على حكم حقيقة المستحال إليه ، وما يستصحب من حكم المستحيل ، بعموم [فعموم] ما دلّ على طهارة التّراب أو الدّود أو الملح وحلّيتها يعارض استصحاب النجاسة. وسنبيّن (١) أنّ الاستصحاب من حيث هو ، لا يعارض الدّليل من حيث هو ، مع أنّ حصول الظّن بالبقاء في مثل ذلك ممنوع.
__________________
ـ المتنجّس بالنّجس ، ونسبه في «الذّخيرة» الى البعض ، قال الاستاذ أيّده الله تعالى كما عن المصدر المذكور : ولعلّه الظّاهر من إطلاق الفقهاء ، بل يستفاد منهم الإجماع عليه.) في حاشية السيد علي القزويني : وفيه ما لا يخفى من عدم الاستقامة لوجهين : عدم جريان استصحاب النّجاسة بعد تبدّل موضوعه ، وعدم معقولية التعارض بينه وبين دليل الطّهارة ، بل الوجه فيه الى الأدلّة الاجتهاديّة على تقدير وجودها في عنوان الرّماد ، فإن كان فيها عام أو مطلق يتناول ، وإلّا فيندرج في عموم أصالة الطّهارة المستنبطة من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : كل شىء نظيف حتى تعلم انّه قذر. وهكذا في الملح والدّود والتّراب وغيرها من موارد الاستحالة ، فالطّهارة فيها بأسرها تثبت إمّا بعموم الدّليل أو بالأصل العام ، ولعلّه الى ذلك يرجع كلام المصنّف ، وإنّما وقع التعارض من قلمه سهوا.
(١) في التنبيه الثالث الآتي بقوله : وإن أراد أنّ الاستصحاب من حيث إنّه استصحاب لا يعارض الدّليل النطقي من حيث هو هو إجماعا.