الثاني
قد عرفت أنّ الاستصحاب المصطلح ، لا يحقّق إلّا مع حصول الشّك في رفع الحكم السّابق ، فاعلم أنّ ذلك الشّك إنّما يحصل بسبب حصول تغيّر ما (١) في الموضوع ، إمّا في وصف من أوصافه القلّة والكثرة في الماء القليل المتنجّس إذا تمّم كرّا ، أو في سببه (٢) كالكرّ المتغيّر بالنجاسة إذا زال تغيّره من قبل نفسه ، أو في حال من أحواله ، كالإناءين المشتبهين ، فإنّ الاجتناب عن الإناء المتنجّس في حال العلم به كان واجبا ، وحصل الشّك في الوجوب بسبب حصول الجهالة به في وقت الاشتباه ، وأمّا مع تغيّر حقيقته (٣) فظاهرهم أنّه لا مجال للاستصحاب ، وذلك مناط قولهم بأنّ الاستحالة من المطهّرات.
وربما يستدلّ على ذلك (٤) بأنّ النجس والحرام مثلا إنّما هو الكلب والعذرة مثلا ، لا الملح والدّود والتّراب والرّماد ، مثلا إذا انقلب الكلب في المملحة بالملح ، أو العذرة بالدّود ، أو التّراب ، أو الرّماد (٥) ، ومن هذا القبيل استحالة النّطفة بقرا أو غنما ، والماء النّجس بولا لحيوان مأكول اللّحم.
__________________
(١) يحتمل ان تكون ما موصولة ويمكن أن تكون غيرها.
(٢) في حاشية السيد علي القزويني : ولا بدّ من استخدام في الضّمير المجرور ، لأنّ التّغير الزّائل بنفسه في الكرّ المتغيّر بالنجاسة ليس سببا لنفس الموضوع وهو الماء ، بل سببه لحكمه وهو النجاسة ، فعود الضّمير الى الموضوع غير صحيح والى حكمه استخدام.
(٣) لأنّه غير خفي بأنّ الاستصحاب من جملة شروطه أيضا هو بقاء موضوعه ، فإنّ الاستصحاب هو بقاء ما كان على ما كان أو قل إبقاء ما كان على الوصف الذي قد كان عليه.
(٤) يعني على انقطاع الاستصحاب مع تغير الحقيقة.
(٥) وكذا قال الوحيد في «الفوائد» ص ٢٨١ ، وإن تأمّل الميرزا القمّي في قوله كما ترى.