نعم (١) لو كان تمسّكنا بالاستصحاب في الدّوام ، لاستظهر علينا الخصم بما نبّهناه عليه.
فإن قيل : قولكم بالنسخ يعيّن الإطلاق ويبطل التحديد ، لأنّ إخفاء المدّة وعدم بيان الآخر مأخوذ في ماهيّة النّسخ ، وهو بعينه مورد الاستصحاب.
قلنا : ما سمعت من مخاصمتنا مع اليهود في تصحيح النّسخ وإبطال قولهم في بطلانه ، إنّما هو من باب المماشاة معهم في عدم تسليمهم التّحديد ، وإبطال قولنا بقبح النّسخ وإلّا فالتحقيق أنّ موسى وعيسى على نبيّنا وآله وعليهماالسلام أخبرا بنبوّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم وكتابهما ناطق به ، لا أنّ نبوّتهما مطلقة ونحن نبطلها بالنّسخ ، فلمّا كان اليهود منكرين (٢) لنطق كتابهم ونبيّهم بذلك ، وزعموا دوام دينهم أو إطلاق النّبوّة وتمسّكوا بالاستصحاب من باب المماشاة معنا ، وتمسّكوا ببطلان النّسخ بناء عليه أيضا ، فنحن نخاصمهم على هذا الفرض في تصحيح النّسخ ، وهذا لا يضرّ ما أوردناه عليهم في تمسّكهم بالاستصحاب.
فإن قيل : أحكام شرع عيسى عليهالسلام مثلا مطلقات ، والنّسخ يتعلّق بالأحكام.
قلنا : إطلاق الأحكام مع اقترانها ببشارة عيسى عليهالسلام برسول بعده اسمه أحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم لا ينفعهم ، لاستلزامه وجوب قبول رسالته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وبعد قبوله فلا معنى لاستصحاب أحكامهم كما لا يخفى فافهم ذلك واغتنم.
__________________
(١) اي لو أردنا إثبات نبوّة نبيّا صلىاللهعليهوآلهوسلم الطّاهرين بالاستصحاب لاستظهر علينا خصمنا.
(٢) في نسخة الأصل (منكرا).