لحصول البراءة اليقينيّة بالإجماع كما إدّعاه بعضهم. ورفع الاشتغال لا يحصل إلّا بالاستصحاب الى الغاية اليقينيّة فالمكلّف به أمران : نفس الحكم ، وإجراؤه الى غاية ، ولا يحصل الامتثال إلّا بإتيانهما معا.
فلا يرد عليه ما قيل : إنّ هذا الدليل جار فيما إذا ثبت تحقّق حكم في الواقع مع الشّك في تحقّقه بعد انقضاء زمان لا بدّ للتحقّق منه. وهذا هو الذي أجرى القوم فيه الاستصحاب بتقريب أنّ الدّليل للحكم يحتمل أن يراد منه وجود الحكم في الزّمان الذي يشكّ في وجود الحكم فيه ، وأن يراد منه عدم وجوده فيه ، ولا يحصل اليقين بالبراءة إلّا في الامتثال في زمان الشّك أيضا ، فإنّ الإتيان الى الغاية جزء المأمور به مثلا فيما فرضه ، بخلاف فرض استصحاب القوم ، ففي استصحابهم لم يثبت شغل الذمّة إلّا بالحكم في الجملة ، ولا ما قيل : إنّ تحصيل القطع أو الظّن بالامتثال إنّما يلزم مع القطع أو الظّن بثبوت التكليف ، وفي زمان الشّك ليس شيء منهما حاصلا ، لأنّا نقول : لا حاجة الى دليل آخر يدلّ على ثبوت التكليف في آن الشّك ، بل التكليف الأوّل لمّا كان مركّبا لا يحصل الامتثال به إلّا بإتيان جميع أجزائه ، سواء بقي اليقين بالتكليف أو الظّن أو الشّك.
والحاصل (١) ، أنّ الاستصحاب وإن أمكن فرض تحقّقه فيما نحن فيه ، لكنّه لا حاجة الى تحقّقه ولا التمسّك به ، وذلك نظير أصل البراءة ، فكما انّه بالذّات
__________________
ـ الوقت المشكوك في بقائه فيه وهو الاستصحاب وقد ثبت بأصل الاشتغال ولو لا هذا التوجيه لم يستقم التعبير عن الحكم بالمكلّف به ، وجعله أمرين نفس الحكم واجرائه الى غاية ، ولا ريب أنّ إجراء الحكم غير نفس الحكم والأوّل من فعل المكلّف بخلاف نفس الحكم فتدبر.
(١) اي ما ذكره المحقق الخوانساري من كفاية الظنّ في مقام الامتثال.