أحدهما : الأخبار الحاكمة بعدم جواز نقض اليقين بالشّك.
والثاني : أنّه لا يحصل الظّن بالامتثال إلّا باستصحابه الى حصول اليقين بالغاية ، وذلك في الوجوب والتحريم وما يستلزمهما من الأحكام الوضعيّة ، فلأنّ عدم اعتقاد إباحته يوجب عدم امتثال أمر الله تعالى ، فإنّ الاعتقاد بما سنّنه واجب ، واجبا كان أو مباحا أو غيرهما.
ولعلّ نظره (١) الى أنّ اشتغال الذمّة مستصحب ، وشغل الذمّة اليقينيّ مستدع
__________________
(١) وهو حاصل كلام المحقّق الخوانساري ، قال السيد علي القزويني في حاشيته : لا بمعنى إثبات الاستصحاب مطلقا باستصحاب اشتغال الذمّة ليتوجّه إليه الدّور ، بل بمعنى إثبات وجوب الحكم ببقاء التكليف عند الشك في دخول الغاية الذي هو معنى الاستصحاب بأصل الاشتغال ، نظرا الى أنّه لو لم يمتثل التكليف المشكوك في ذلك الوقت لم يحصل الظّن بامتثال التكليف اليقيني من أوّل الأمر ، فلم يحصل امتثاله ، وحيث إنّ الشغل اليقيني يستدعي اليقين بالبراءة الذي يقوم مقامه الظّن بها ، وهو موقوف على امتثال ذلك التكليف عند الشك في دخول الغاية فواجب امتثاله ، وهذا فرع على الحكم ببقائه في ذلك الوقت وهو معنى الاستصحاب ، ولا يذهب عليك انّ هذا التّقرير لا يتمّ في غير مثل وجوب الصوم الذي دلّ الدليل على استمراره الى دخول الليل الذي هو الغاية المعينة فيه إلّا بتكلّف وهو الذي أشار إليه أخيرا بقوله : فالمكلّف به أمران ... الخ.
ومحصّله ، أن كل حكم دلّ الدليل المثبت على استمراره الى غاية معينة ولو كان نحو الطهارة المستمرّة الى غاية حصول النّوم أو البول أو غيره من الأحداث ، فقد اقتضى دليله بالالتزام ووجوب إجرائه الى دخول تلك الغاية ، والإجراء المذكور من قبيل المكلّف به الذي وجوبه شغل يقيني به وينحلّ الى أصل الإجراء ، واستمراره الى الغاية على معنى اجرائه في وقت دخول الغاية ، فعند الشك في دخولها يجب اجرائه أيضا تحصيلا لليقين بالبراءة عنه ، ونتيجة ذلك وجوب الحكم ببقاء الحكم المذكور في ذلك –