فدعوى العليّة ممنوع ، وكذا دعوى الإجماع المركّب ، إذ هي إنّما تتمّ لو ثبت أنّ عملهم إنّما كانت من جهة الاستصحاب ، والإنصاف أنّ ملاحظة هذه الموارد الكثيرة يورث الظنّ القويّ لو لم نقل بالعلم بأنّ المناط هو الاستصحاب.
وبالجملة ، الأدلّة التي ذكرنا سيّما مع اجتماعها لا يبقى معها مجال الشّك والرّيب في حجّية الاستصحاب وجواز الاعتماد عليه.
واحتجّ النافون : بالآيات والأخبار الدالّة على حرمة العمل بالظّن إلّا ما أخرجه الدّليل ، ولا دليل على حجّية هذا الظّن ، وأنّه لا يجوز إثبات المسائل الأصوليّة بأخبار الآحاد.
وربّما منع بعضهم حصول الظّن منه (١) أيضا ، وقد عرفت الجواب عن أدلّة حرمة العمل بالظنّ في باب خبر الواحد وإثبات حجّية ظنّ المجتهد ، مع أنّك عرفت دلالة الأخبار عليه أيضا ، بل الحقّ أنّ حجّية الأخبار (٢) أيضا لا تثبت إلّا بإثبات حجّية ظنّ المجتهد كما بيّناه ثمّة.
وأمّا أنّ المسألة الأصوليّة لا تثبت بالظنّ ، فقد عرفت أنّ التّحقيق خلافه ثمّة أيضا.
__________________
(١) من الاستصحاب ، واعلم أنّ المعروف من المحقّقين النّافين أنّهم يمنعون حصول الظنّ وإلّا فكل ظن المجتهد يكون حجّة ، مسلّم عندهم من جهة الدّليل الذي ذكروا : وهو أنّ باب العلم مسدود والطريق منحصر في الظّن فيكون حجّة ولا ترجيح لظن على ظن ، غير أنّ الظنّ الذي يحصل من القياس والاستحسان والرّمل وأمثالهما ليس بحجة عندهم وفاقا للوفاق ، ولأنّه كان منهيا عنه في زمان الأئمّة عليهمالسلام والصّدر الأوّل ، فكذا بعده ، وقد استوفى ذكر ذلك الوحيد البهبهاني في «فوائده» ص ٢٧٦ ، وفي هذا الكلام كلام.
(٢) التي تدل على حرمة العمل بالظنّ.