المعنى الأوّل دون الثاني ، وفهم هذا المرام يحتاج الى تأمّل تامّ.
ثمّ نرجع الى ما كنّا فيه ونقول : إنّ انطباق الرّواية بالمعنى الأوّل على الاستصحاب ظاهر ، وكذلك على المعنيين الأخيرين ، ولكنّهما يرجعان الى استصحاب حال العقل ، وهو البراءة الأصليّة.
وأمّا المعنى الأوّل فيمكن حمله عليه ، وعلى استصحاب حال الشّرع إذا علم طهارته سابقا شرعا.
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان الدّالّة على طهارة الثّوب الذي أعاره الذمّي ، وعدم وجوب غسله لأنّه أعاره طاهرا ولم يستيقن بنجاسته ، وقد مرّت الصحيحة الأخرى في شبهة الموضوع وما في معناها إلى غير ذلك من الرّوايات.
الرّابع :
إنّه ثبت الإجماع على اعتباره في بعض المسائل (١) ، كتيقّن الطهارة والشّك في الحدث وعكسه ، وتيقّن طهارة الثوب والجسد والشّك في نجاستهما ، وبناء الشّاهد على ما شهد به ما لم يعلم رافعها ، والحكم ببقاء علاقة الزّوجيّة في المفقود ، وكذا الحال [المآل] في عزل نصيبه من الميراث ، وغير ذلك ممّا لا يحصى ، فيكون حجّة ، لأنّ علّة عملهم فيها هو اليقين السّابق فيجب العمل فيما تحقّقت علّته (٢) ، أو لأنّه ثبت حجّيته في بعض المسائل ، فلا قائل بالفصل.
وأورد عليه : بأنّ العلّة لعلّها كانت في خصوصها نصّ أو إجماع أو غير ذلك.
__________________
(١) وكذا في «الفوائد» ص ٢٧٥ للبهبهاني.
(٢) من باب تنقيح المناط.