الشّرعيّ الطهارة أو النجاسة فيحكم أنّه طاهر حتّى يعلم من جانب الشّرع أنّ حكمه النجاسة ، مع أنّ المعنى الثالث يساوق أصل البراءة ، وقد عرفت اشتراط العمل به بالفحص والبحث عن الدّليل ، بخلاف المعنيين الأوّلين ، والرّواية ظاهرة في البناء على الطهارة من دون الفحص ، وهو يناسب المعنيين الأوّلين ، لا المعنى الثالث ، لأنّه من المسائل الاجتهاديّة المحتاجة الى البحث والفحص.
وإدخال المعنيين الأوّلين في الثالث بأن يقال : كلّ شيء مجهول طهارته ونجاسته ، سواء كان كابن آوى والفأرة ، أو كالجسم الطّاهر المشكوك الملاقاة بالنجس ، أو كأحد الإناءين المشتبهين ، فهو حتّى يعلم من الشّارع حكمه ، فيصير الكلّ من باب الجهل بالحكم الشرعيّ ، ولا ينافي شيء منها لزوم الفحص عن الدليل ، في غاية البعد من اللّفظ والمعنى.
والحاصل ، أنّ الجهالة بالحكم الشرعيّ إمّا جهالة به من حيث الخصوص ، أو جهالة من حيث اشتباه الحكم في الخصوص بعد وضوحه في كلّ من المشتبهين ، أو جهالة محضة مطلقة ، وكذلك العلم الذي يحصل بالحكم يختلف باختلاف الجهالة ، ولا بدّ في إرادة كلّ منهما من ذكر لفظ يدلّ عليه ، فلا بدّ أن يحمل اللّفظ على ما هو الظّاهر فيه.
فنقول : ظاهر العموم هو العموم الأفرادي وإرادة الأشخاص لا الأنواع ، فليس بظاهر في إرادة الكلّيّ ولا الجزئيّ بملاحظة الكلّيّ ، وهو يرجع الى المعنيين الأوّلين ، والثاني أظهرهما.
فالاستدلال به على المعنى الثالث غير واضح ، سيّما مع ملاحظة أنّ المتبادر من العلم هو اليقين الواقعي ، والغالب أنّه يحصل في الموضوع لا الحكم ، لأنّ العلم بالحكم الشّرعيّ غالبا إنّما هو من الأدلّة الظنيّة ، غاية الأمر كونها واجب العمل ،