الشّيء هنا ، إذ الجهالة لم تتعلّق بحكم الجزئيّ من حيث إنّه جزئي ، بل من حيث إنّه كلّيّ أو فرد لكلّيّ ، نظير قوله عليهالسلام : «كلّ شيء مطلق حتّى يرد فيه نهي». بخلاف الأوّلين.
وكذلك يعتبر هنا العلم بالنّجاسة من حيث الثّبوت من الدليل الشرعيّ على الوجه الكلّي ، خلاف السّابقين ، فإنّ العلم إنّما يحصل من الأمور الخارجيّة كالبيّنة والقرائن ، فهذا من جملة الشّبهة في الحكم ، والسّابقان من جملة الشّبهة في الموضوع.
إذا عرفت هذا ، وظهر لك الفرق بين المعاني ، عرفت أنّ المعاني متغايرة متباينة لا يجوز إرادتها جميعا في إطلاق واحد ، كما حقّقناه في أوائل الكتاب.
والقول بأنّ كلّ شيء عامّ قابل لإرادة الكلّي والجزئيّ ، وكذلك العلم يشمل العلم بالكلّي والجزئي ، فيصحّ إرادة معنى عامّ يندرج الكلّ فيه ، لا يصلح مع تفاوت إضافة الطهارة والقذارة الى الأشياء ، وكذلك سبب العلم.
ولا ريب أنّ كلام المعصوم عليهالسلام منزّل على موارد حاجات المكلّفين (١).
وقد تختلف (٢) موارد الحاجات ، فقد يمكن أن يراد بسبب موضع الحاجة أنّ كلّ شيء طاهر ، طاهر باليقين السّابق حتّى تعلم من الخارج ملاقاته للنجاسة ، أو أنّ كلّ شيء مشتبه بين أمور طاهرة ونجسة فيحكم بأنّه من الأشياء الطاهرة حتّى تعلم من الخارج أنّه من الأشياء النجسة ، أو أنّ كلّ شيء يحتمل أن يكون حكمه
__________________
(١) فقد نزل بحسب موارد الحاجات للمكلّفين ، وليس مورد الحاجة إلّا أحد هذه الموارد فلا يمكن حمل الخبر على تمام المورد.
(٢) في نسخة الأصل (يختلف).