فلا يثبت استصحابه ، لاحتمال تحقّقه في ضمن القطع بعدم الحكم السّابق ، لا بانسحابه.
لا يقال : إنّ الشّك قد يوجبه نفس الدّخول في الوقت الثاني ، وفرض عدمه إنّما هو بفرض عدم الوقت الثاني ، وهو لا يثبت إلّا اليقين في الآن الأوّل ، فلم يتّحد مورد الشّك واليقين ، بخلاف ما ذكره المستدلّ ، فإنّه إذا فرض انتفاء الشّك فيثبت اليقين في محلّه من جهة نصّ الشّارع على الاستمرار ، لأنّا نقول : مع أنّ هذا الفرض نادر الوقوع سيّما في الأحكام الشرعيّة المفروض عدم ملاحظة اعتبار الآن الأوّل ، ولا عدم اعتبار الآن الثاني ، غاية الأمر حصول اليقين في الآن الأوّل لا بشرط الآن الأوّل ، فالقدر المتحقّق إنّما هو ثبوته في ظرف الخارج ، وانتفاء الشّك يحصل مع ملاحظة عدم اعتبار ثانويّة الآن الثاني ، ولا يحتاج الى اعتبار عدم الآن الثاني حتّى ينتقل الى الآن الأوّل.
ويفيد اليقين في الآن الأوّل مع أنّه يرد النّقض فيما لو فرض فيما فرضه المستدلّ أيضا أن يصير الآن المتأخّر سببا للشّكّ في ثبوت الاستمرار المنصوص عليه الى غاية معيّنة ، هل هو ثابت فيه أو ينحصر في الآنات المتقدّمة عليه حرفا بحرف.
والحاصل ، أنّ ما ذكره في معنى الحديث أنّه لا ينقض اليقين المفروض في زمان الشّك الذي لو لا الشّك لكان ثابتا بالشّك ، وهو مع أنّه يجري في استصحاب القوم ليس بأولى من أن يقال : المراد بالحديث : لا ينقض حكم اليقين الثّابت سابقا بسبب الشّك كما أشرنا ، بل هذا أولى وأظهر ، وهو المتبادر من الحديث.
وأمّا قوله رحمهالله في جملة ما نقلنا عنه سابقا (١) : قلت فيه تفصيل ، فمرجعه ليس الى القول بعدم التفرقة بين الصّورتين ، وأنّ الفرق إنّما يتحقّق بثبوت الاستمرار الى
__________________
(١) في الصفحة ٧٦ من هذا الكتاب ، والقول هو قول المحقّق الخوانساري.