يحصل اليقين بوجود المعلول ، لأنّ بقاء المعلول إنّما هو ببقاء العلّة التامّة ، وزواله إنّما هو بعدمها.
وحاصل هذا الإيراد ، هو استدلال آنيّ على أنّ علّة الوجود في هذا المعلول هو علّة البقاء الى آن حصول الشّك. يعني يظهر من فرض انتفاء الشّك أنّ العلّة الموجدة هي المبقية ، فلا يرد الاعتراض على الإيراد بأنّ انتفاء الشّك إنّما يستلزم ثبوت اليقين لو ثبت أنّ علّة الوجود في الآن الأوّل هو علّة الوجود في الآن الثاني أيضا. فكما أنّ انتفاء الشّك في الصّورة التي فرضها المستدلّ ، يوجب اليقين بالحكم بسبب الاستمرار المنصوص عليه من الشّارع ، فكذلك فيما ذكره القوم ، انتفاء الشّك يوجب اليقين بالحكم ، ضرورة عدم الواسطة بين الشّك واليقين بالحكم السّابق.
فإنّ المراد هنا (١) من الشّك ما ينافي اليقين السّابق وهو أعمّ من الظنّ ، والقطع بانتفاء الحكم السّابق أيضا ليس كلامنا فيه حتّى يقال : إنّه إذا انتفى الشّك فقد يثبت اليقين بالوجود وقد يثبت اليقين بالعدم ، بل الكلام إنّما هو في ثبوت الحكم السّابق والشّك في زواله ، بحيث لولاه لثبت الحكم السّابق مع الفراق من انتفاء احتمال القطع بالعدم.
والحاصل ، أنّ المراد بالشّك هنا احتمال زوال الحكم السّابق ، لا مجرّد التردّد بين الاحتمالين ، فإذا انتفى هذا الاحتمال ، لا يبقى إلّا اليقين السّابق مع أنّ ذلك يضرّ المستدلّ أيضا ، فإنّ الشّك فيما فرضه على هذا التقدير إذا فرض انتفاؤه
__________________
(١) وهنا بيان لعدم وجود واسطة بين اليقين والشّك ، وأنّ المراد من الشّك هو احتمال زوال اليقين فيشمل الظّن بعدم البقاء.