النّفي ، لأنّه بعيد عن اللّفظ ، وينفيه التّأكيد بقوله : أبدا ، فيصير ذلك من باب : (لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ)(١). مع أنّ كون قوله عليهالسلام : «ولا ينقض اليقين أبدا بالشّك» ، في قوّة الكبرى الكليّة (٢) لإثبات المطلوب ، يعيّن ذلك أيضا. وجعل الكبرى منزّلة على إرادة يقين الوضوء ، بعيد لإشعار قوله عليهالسلام : فإنّه على يقين من وضوئه. على ذلك فيكون الكبرى حينئذ بمنزلة التكرار.
ومن ذلك يظهر أنّ القول بأنّ سبق حكاية يقين الوضوء يمكن أن يصير قرينة للعهد فيحمل عليه أيضا بعيد ، سيّما مع ملاحظة أنّ المعهود هو الشّخص لا نوع يقين الوضوء إلّا أن يرتكب فيه نوع استخدام ، وهو خلاف الظّاهر.
والحاصل ، أنّه لا يحسن الإشكال في العموم في اليقين ، وكذلك لفظ الشّك لأنّه تابع لليقين ، والمفهوم من الكلام أنّ موضعهما واحد.
هذا ولمّا كان من البديهيّات الأوّليّة عدم اجتماع اليقين والشّك في شيء واحد ، بل ولا الظنّ والشّك (٣) أيضا ، فلا يمكن حمل اللّفظ على ظاهره.
فمعنى عدم جواز نقض اليقين بالشّك ، عدم جواز نقض حكم اليقين ، فما كان
__________________
ـ النّفي ، يفيدان نفي العموم لا عموم النّفي ، وحينئذ مفاد ذلك السّالبة الجزئية ، فلا يفيد حجّية الاستصحاب مطلقا. فيجيب عن هذا انّه بعيد عن اللّفظ إذ الظّاهر من اللفظ عموم النّفي لا نفي العموم ، وينفي هذا الاحتمال قوله : أبدا ... الخ. فحينئذ مفاده كمفاد (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ) في إفادة عموم النّفي.
(١) لقمان : ١٨.
(٢) بمعنى أنّ اليقين بالوضوء والعلم به ، وليس شيء من اليقين يجوز نقضه بشك ، فإذا ليس حكم اليقين بالوضوء مما يجوز نقضه بالشّك.
(٣) قال في الحاشية منه رحمهالله : فيه تعريض الى الشهيد في «الذكرى» حيث قال : إنّ مآله الى اجتماع الظنّ والشّك.