والموجودات ، وجدناها باقية مستمرّة بوجودها الأوّل غالبا على حسب استعداداتها وتفاوتها في مراتبها ، فنحكم فيما لم نعلم بحاله بما وجدناها في الغالب إلحاقا بالأعمّ الأغلب.
ثمّ إنّ كلّ نوع من أنواع الممكنات يلاحظ فيه زمان الحكم ببقائه بحسب ما غلب فيه أفراد ذلك النوع. فالاستعداد الحاصل للجدران القويمة يقتضي مقدارا من البقاء بحسب العادة ، والاستعداد الحاصل للإنسان يقتضي مقدارا منه ، وللفرس مقدارا آخر ، وللحشرات مقدارا آخر ، ولدود القزّ ، والبقّ ، والذّباب مقدارا آخر (١) ، وكذا للرطوبة في الصيف والشتاء ، وهكذا.
فهنا مرحلتان :
الأولى : إثبات الاستمرار في الجملة.
والثانية : إثبات مقدار الاستمرار.
ففيما جهل حاله من الممكنات القارّة ، يثبت ظنّ الاستمرار في الجملة بملاحظة حال أغلب الممكنات ، مع قطع النّظر عن تفاوت أنواعها ، وظنّ (٢) مقدار خاصّ من الاستمرار بملاحظة حال النّوع الذي هو من جملتها.
فالحكم الشرعيّ مثلا نوع من الممكنات قد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الممكن ، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة مطلق الأحكام الصّادرة عن الموالي الى العبيد [العبد] ، وقد يلاحظ من جهة ملاحظة سائر الأحكام الشرعيّة ، فإذا أردنا
__________________
(١) تأمّل دقة المصنّف في الأمثلة التي عرضها ، فقد رتبها وبدأ بأطولها بقاء ثم الأقصر فالاقصر وهكذا.
(٢) عطف على يثبت ظنّ الاستمرار في الجملة أي ويثبت ظنّ مقدار ... الخ.