التكلّم في استصحاب الحكم الشّرعيّ فنأخذ الظنّ الذي ادّعيناه من ملاحظة أغلب الأحكام الشرعيّة ، لأنّه الأنسب به والأقرب إليه ، وإن أمكن ذلك بملاحظة أحكام سائر الموالي وعزائم سائر العباد أيضا.
ثمّ إنّ الظنّ الحاصل من جهة الغلبة في الأحكام الشرعيّة. محصّله : إنّا نرى أغلب الأحكام الشرعيّة مستمرّة بسبب دليلها الأوّل ، بمعنى أنّه ليس أحكامه آنيّة مختصّة بآن الصّدور ، بل يفهم من حاله من جهة أمر خارجيّ عن الدّليل ، أنّه يريد استمرار ذلك الحكم الأوّل ، من دون دلالة الحكم الأوّل على الاستمرار ، وإذا رأينا منه في مواضع غير عديدة أنّه اكتفى حين إبداء الحكم بالأمر المطلق القابل للاستمرار وعدمه ، ثمّ علمنا أنّ مراده كان من الأمر الأوّل الاستمرار ، فنحكم فيما لم يظهر مراده من الاستمرار وعدمه بالاستمرار ، ونقول : إنّ مراده هنا أيضا من الأمر ؛ الاستمرار إلحاقا بالأغلب ، فقد حصل الظنّ بالدّليل ، وهو قول الشّارع بالاستمرار ، وكذلك الكلام في موضوعات [الموضوعات] الأحكام (١) من الأمور الخارجيّة ، فإنّ غلبة البقاء يورث الظنّ القويّ ببقاء ما هو مجهول الحال ، ولمّا لم يكن وجود الممكن إلّا بوجود علّته التامّة فيعلم أنّ غالب الموجودات المستمرّة (٢) علّتها موجودة إمّا بكون علّة الوجود هي علّة البقاء على حسب معتاد المعلولات ، أو بتجدّد العلّة للبقاء ، بل يمكن أن يقال ذلك (٣) في الحكم
__________________
(١) فإن هذا الحكم ليس مختصا فقط بالأحكام الشرعية ، بل يجري في موضوعات الأحكام أيضا.
(٢) صفة لغالب الموجودات لا لقوله : الموجودات ، وإلّا لم يكن لقوله : غالب فائدة ، بل يكون مضمرا ، فتأمّل ، هذا كما في الحاشية.
(٣) أي عدم إمكان وجود الممكن إلّا بوجود علّته ، إمّا أن يكون علّة الوجود ، بل علّة ـ