ثمّ قال : فإن قلت : هذا كما يدلّ على حجّية ما ذكرت كذلك يدلّ على حجّية ما ذكره القوم ، لأنّه إذا حصل اليقين في زمان فينبغي أن لا ينقض في زمان آخر بالشّك ، نظرا الى الرّواية ، وهو بعينه ما ذكروه.
قلت : الظّاهر أنّ المراد من عدم نقض اليقين بالشّك ، أنّه عند التّعارض لا ينقض به.
والمراد بالتّعارض : أن يكون شيء يوجب اليقين لو لا الشّك ، وفيما ذكروه ليس كذلك ، لأنّ اليقين يحكم في زمان ليس ممّا يوجب حصوله في زمان آخر لو لا عروض شكّ ، وهو ظاهر.
ثمّ قال : فإن قلت : هل الشّك في كون الشّيء مزيلا للحكم مع اليقين بوجوده كالشّك في وجود المزيل أو لا؟
قلت : فيه تفصيل ، لأنّه إن ثبت بالدّليل أنّ ذلك الحكم مستمرّ الى غاية معيّنة في الواقع ، ثمّ علمنا صدق تلك الغاية على شيء وشككنا في صدقها على شيء آخر أم لا ، فحينئذ لا ينقض اليقين بالشّك. وأمّا إذا لم يثبت ذلك ، بل إنّما ثبت أنّ ذلك الحكم مستمرّ في الجملة ، ومزيله الشّيء الفلانيّ ، وشككنا في أنّ الشّيء الآخر أيضا مزيله أم لا ، فحينئذ لا ظهور في عدم نقض الحكم وثبوت استمراره. انتهى.
فظهر ممّا ذكره (١) المخالفة في المقامين الأخيرين.
وقال المحقّق السّبزواري في «الذّخيرة» بعد نقل الاستدلال على نجاسة الماء
__________________
(١) قد مرّ ان الاستصحاب على مقامات ، ففي مقام الأوّل قد ظهر الخلاف من العضدي ، وامّا المقامان الآخران فقد ذكرهما المصنّف بقوله : وتارة ... وتارة ... ، قد ظهر منه المخالفة ، امّا المقام الثاني بقوله : وفيه تفصيل ، وأمّا الثالث بقوله : نعم ، الظاهر ... الخ.