تعارضا من وجه؟
والرابع : أنّا نرى بعض التكاليف لم يرض الشّارع فيها لنا بأدنى مشقّة ، كما يظهر من باب التيمّم ، وكذلك الكلام في الضّرر ، فإنّا نرى التكليف بالخمس والزّكاة وصرف المال في الحجّ وفي إنفاق الوالدين وغيرهما ، وكذلك الإشكال من سائر الوجوه.
فنقول : الذي يقتضيه النظر في مجامع الكلام وأطرافها بعد حصول القطع بأنّ التكاليف الشّاقة واردة في الشّريعة ، أنّ العسر والحرج والضّرر المنفيّات هي التي تزيد على ما هي لازمة لطبائع التكاليف الثابتة من حيث هي ، التي معيارها طاقة متعارف الأوساط من الناس الذين هم الأصحّاء الخالون عن المرض والعجز والعذر ، بل هي منتفية من الأصل إلّا فيما ثبت ، وبقدر ما ثبت ، وهو ما لا ينفكّ عنه عامّة النّاس ، سالمين عن الأمراض والأعراض.
فنقول : إنّ الله تعالى لا يريد بعباده العسر والحرج والضّرر إلّا ما حصل منه من جهة التكاليف الثابتة بحسب أحوال متعارف أوساط [أوسط] النّاس ، وهم الأغلبون ، فالباقي منفيّ ، سواء لم يثبت أصله أصلا ، أو ثبت ولكن على نهج لا يستلزم هذه الزّيادة.
ثمّ إنّ ذلك النفي إمّا من جهة تنصيص الشّارع ، كالقصر والإتمام والإفطار والقعود والاضطجاع في الصلاة والتيمّم وأكل الميتة في الاضطرار والتقيّة وبيع البيض والبطّيخ ونحوهما قبل الاختبار وثبوت الخيارات في البيع وجواز تزويج المرأة من دون نظر ولا وصف دفعا لمشقّة الأقارب والمرأة للحياء ، وإمّا من جهة التعميم ، كجواز الاجتهاد في الجزئيّات كالقبلة والوقت ، أو الكلّيّات كالأحكام