يمكن أن يقال : إنّها ليست بضرر.
فإن قلنا : إنّ المراد به النّهي ، فلا دلالة فيها على الضّمان في المذكورات ، لأنّ غايته العقاب على تلك الأفعال.
أمّا الضّمان فيحتاج الى دليل آخر مثل قاعدة الإتلاف ، وأمّا على إبقائها على الحقيقة وتقيّدها بعدم الجبران ، فلا يدلّ على الضّمان أيضا ، لأنّ معنى الرّواية حينئذ : لم يجوّز الله للعباد ولم يشرّع لهم ضررا بغير جبران. فكلّ ما رخّص فيه الشّارع من أقسام الضّرر ، فهو مع الجبران ، ولا يستلزم ذلك أنّ كلّ ضرر حصل من فعل المكلّف. وإن لم يرخّصه الشّارع ، ففيه جبران فضلا عن قدر الجبران ، إذ ليس معنى الخبر حينئذ (١) : لا يبقى الضّرر الحاصل من المكلّف على أيّ نحو كان بلا جبران ، بل جعل الله لكل ضرر جبرانا وإن فعله المكلّف بدون إذن الشّارع ، وأنّ الجبران يتعلّق بمآل ضارّ [الضارّ] بمثل ما أضرّ ، أو نحو ذلك ، ففي كلتا الصّورتين (٢) يجوز إجراء أصل البراءة في عدم الضّمان ، بل وعدم التغرير أيضا. ويندرج في ثمرات المعنى الأوّل (٣) ، مثل ثبوت خيار الغبن ، فيقال : إلزام البيع وعدم ثبوت الخيار للبائع ، وعدم ردّ المشتري ضرر بالبائع ، ودفع هذا الضّرر يحصل بثبوت الخيار ، ولكن لا يجري ذلك (٤) في مثل الأمثلة المذكورة ، فيقال : يجب على المتلف الغرامة وإلّا لزم الضّرر وهو حرام للحديث ، فإنّ الضّرر قد
__________________
(١) أي حين قيد النّفي بعدم الجبران.
(٢) في صورة حمل النّفي على النّهي أو النفي لكن مع التّقييد.
(٣) المعنى الأوّل هو قوله : إنّ معنى الرّواية حينئذ لم يجوّز الله للعباد ولم يشرّع لهم ضررا بغير جبران.
(٤) الذي ذكرناه من المعنى الأوّل.