فرض حصوله في زمان ظنّ بقاء عدم النجاسة ، وهذا لا غائلة فيه أصلا (١).
وأمّا الثاني : ففيه : أنّ نفي الضّرر من الأدلّة الشرعيّة المجمع عليها ، ولا فرق بينه وبين غيره ، وقد عرفت أنّه لا يجوز التمسّك بأصل البراءة مع ثبوت الدّليل ، بل قبل التفحّص عن الدّليل ، فإن ثبت الضّرر وتحقّق اندراج محلّ النزاع فيه ، فلا إشكال في عدم الجواز وإن ثبت عدمه ، فلا إشكال في الجواز.
وإن شكّ فيه ، فكذلك أيضا (٢) لعدم ثبوت الدّليل ، فلا محصّل لما ذكره ، والمشهور دخول أمثال ذلك (٣) تحت قاعدة الإتلاف لصدقه عليه عرفا.
وأمّا شمول قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم «لا ضرر ولا ضرار» (٤) ، لذلك ، فهو موقوف على فهم فقه الحديث.
فنقول : لا ريب أنّه ليس باقيا على حقيقته يقينا ، لوجود الضّرر في الإسلام في غاية الكثرة (٥). فأمّا المراد من النّفي ، النّهي ، يعني يحرم الضّرر والضّرار ، أو المراد أنّ المنفيّ هو الضّرر الخالي عن الجبران ، فالقصاص ضرر ، لكنّه مع الجبران لمسبوقيّته بقتل النّفس عدوانا ، وكذلك مقاصّة الحقّ والغرامة عن الغاصب ، بل
__________________
(١) يعني أنّ التمسّك بأصالة عدم تقدّم النجاسة على الاستعمال ليس لأجل أصالة عدم تقدّم أحد الحادثين على الآخر فيكون فيه غائلة معارضة كل من الأصلين بالآخر كمّا مرّ ، بل لأجل أنّ العلم بالنجاسة لمّا كان متأخّرا عن الاستعمال والتمسّك بالأصل هذا لا غائلة فيه ، كما عن الملا محمد تقى الهروي.
(٢) أي جواز التمسّك بأصل البراءة في صورة الشّك في ثبوت الضّرر وعدم ثبوته.
(٣) أمثال الأمثلة التي ذكرها الشّارط.
(٤) «الوسائل» ١٨ / ٣٢ الحديث ٢٣٠٧٣ ـ ٢٣٠٧٥.
(٥) فإن كثيرا من التّكاليف قد يكون فيها ضرر ، فكيف يمكن أن يقال ببقاء النّفي على حقيقته وهي نفي الجنس أو الماهيّة.