الأوّلي المعلوم بالنّسبة الى وجود ذلك الحادث بعينه ، فيقال : الأصل عدم تقدّم الحادث على الزّمان الذي علم بوجوده ، سواء كان ذلك الزّمان ظرف الحصول في الواقع ، أو ظرف العلم فقط.
وأمّا إذا لوحظ أحد الحادثين بالنّسبة الى الآخر ، فلا يمكن دعوى أصالة عدم تقدّم وجود أحدهما على الآخر ، فإنّ الحادثين المتحقّقين في الخارج اللّذين لم يعلم تقدّم أحدهما على الآخر ، فنسبة التقدّم والتأخّر في الوجود إليهما متساوية ، فلا يمكن التمسّك بأصالة عدم تقدّم أحدهما على الآخر ، وهذا هو الوجه في عدم الجواز.
نعم (١) ، يمكن أن يقال : إذا استعمل من ذلك الماء ثمّ علم بالنجاسة ، وشكّ في أنّ الكرّية مقدّمة أم وقوع النجاسة ، وأنّ الاستعمال هل كان بعد النجاسة أم قبله ، فيمكن أن يتمسّك بأصالة عدم تقدّم النجاسة على الاستعمال ، وذلك ليس لأصالة عدم تقدّم أحد الحادثين (٢) على الآخر ، بل لأنّ العلم بالنجاسة لمّا كان متأخّرا عن الاستعمال ، وأصالة العدم الملحوظ بالنّسبة الى النجاسة مستصحبة الى أنّ العلم بها ، فيظنّ بقاء عدم النجاسة الى حين حصول العلم والاستعمال ، أيضا قد
__________________
ـ يتعارض أصالة عدم تقدّم أحدهما على أصالة تقدّم الآخر وبعد هذه المعارضة لا يمكن لنا أن نتمسّك بأصالة عدم التقدّم ، فإنّ الوجه في عدم جواز التمسّك بأصالة النّفي والبراءة هو المعارضة لا كونه مثبتا لحكم شرعي. والكلام في جريان الأصل وعدم جريانه في هذه الأمثلة ليس إلّا بواسطة الدّليل.
(١) هذا استدراك من عدم جواز التمسّك بأصالة عدم التقدّم.
(٢) وهما نجاسة الماء واستعماله.