وأمّا الثاني : فالظّاهر أنّه فرضه فيما حصل الماء تدريجا ، وإلّا ، فقد يبقى ماء في الغدير بعد ما كان كثيرا غاية الكثرة ، فلا معنى للأصل هنا.
وحينئذ (١) نقول : إنّ التمسّك بأصالة عدم الكرّيّة صحيح ، ولا يوجب ذلك الحكم بوجوب الاجتناب عمّا لاقاه ، لمعارضته باستصحاب طهارة الماء وطهارة الملاقي (٢).
ولو فرض (٣) محلّ يستلزم حكما كما لو أردنا بذلك الماء تطهير نجس ، فلا مانع من استلزام التمسّك بأصالة عدم الكرّيّة فيه الحكم بعدم جواز التطهير منه كما أشرنا سابقا. كما أنّ التمسّك بأصالة طهارة الماء (٤) كما يوجب رفع وجوب الاجتناب عنه ، يثبت وجوب التّوضّؤ به ، فلا يجوز التيمّم.
وأمّا الثالث : ففيه (٥) : أنّ المراد بأصل عدم تقدّم الحادث ، التمسّك بالعدم
__________________
(١) أي وحين إذ كان مراده من المثال ما ذكرنا.
(٢) ولا يخفى عليك أيضا ، بأنّ هذه المعارضة موجودة في الدّرهم الحرام في دراهم محصورة.
(٣) اي لو فرض إجراء أصالة عدم الكريّة يستلزم حكما أي يكون له معارضا.
(٤) لا يخفى عليك بأن التمسّك بأصالة الطهارة أيضا لا يثبت وجوب التّوضؤ به لمعارضته بأصالة عدم رفع الحدث.
(٥) حاصل المراد أنّ الشك في تقدم الحادث وتأخّره قد يكون بالنّسبة الى نفس الحادث ، مثلا قد علمنا بنزول المطر ولكن نشك نحن بأنّ أوّل نزوله كان في يوم الخميس أو الجمعة ، فهنا نقول : بأنّ الأصل عدم تقدّمه عن يوم الجمعة ، ففي المثال نقول : الأصل عدم تقدّم الكريّة عن الزّمن الذي علم بكريّته التي نعلم تقدّم النجاسة عنه ، سواء كان الزّمن الذي علمنا فيه ظرف حصوله في الواقع أو ظرف العلم محال لا يوجب الحكم بالنجاسة في المثال ، وقد يكون بالنّسبة الى حادث آخر فحينئذ ـ