عليه ، ولم يثبت لإعمال أصل البراءة شرط غير ذلك.
ولكنّ بعض المتأخّرين (١) ذكر هنا لجواز العمل بأصل البراءة وأصالة النّفي وأصالة عدم تقدّم الحادث شروطا ثلاثة ، ونحن نذكرها محرّرا كلامه عمّا لا يحتاج إليه ، و [أو] لا يمكن توجيهه ، ونطوّل الكلام بدفعه.
الأوّل : أن لا يكون إعمال الأصل مثبتا لحكم الشرعي [شرعي] من جهة أخرى ، مثل أن يقال في الإناءين المشتبهين ، أو الثّوبين المشتبهين الأصل عدم وجوب الاجتناب عن أحدهما ، فإنّه يوجب الحكم بوجوب الاجتناب عن الآخر ، أو يقال في الماء الملاقي للنجاسة المشكوك كرّيته : الأصل عدم بلوغه كرّا ، فإنّه يوجب الاجتناب عنه ، أو يقال في الكرّ التدريجيّ الحصول الملاقي للنجاسة : الأصل عدم تقدّم حصول الكرّية ، فإنّه يوجب الحكم بالنجاسة.
الثاني : أن لا يتضرّر بسبب التمسّك به مسلم ، مثل ما لو فتح إنسان قفصا لطائر فطار ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلا فهربت دابّته ، فالتمسّك بالأصل (٢) يوجب تضرّر المالك ، ويمكن أن يندرج تحت قاعدة الإتلاف الموجب للضمان ، أو يكون المراد بقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا ضرر ولا ضرار». ما يشمل ما نحن فيه ، فلا بدّ للمفتي التوقّف ، ولصاحب الواقعة الصّلح.
الثالث : أن لا يكون ذلك الأمر جزء عبادة مركّبة (٣) ، بل المثبت لتلك الأجزاء
__________________
(١) وهو الفاضل التوفي في «الوافية» ص ١٩٣.
(٢) فالتّمسك بأصالة عدم ضمان الفاتح والحابس والمتمسّك يوجب ضرر المالك.
(٣) أي لا يكون ذلك الأمر الذي يريد أن ينفى بالأصل جزء عبادة لو ثبت جزئيّته ، لأنّ المثبت لتلك الأجزاء الموجودة هو النص لا بالأصل ، هذا مفاد عبارته كما نقل عنه في باب الصّحيح والأعم.