أصل البراءة أيضا ، فالأولى حمل الرّواية ـ مثل نظائرها ـ على الاستحباب.
وقد يؤيّد ذلك بصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي ابراهيم عليهالسلام (١) قال : «سألته عن الرّجل يتزوّج المرأة في عدّتها بجهالة ، أهي ممّن لا تحلّ له أبدا؟
فقال عليهالسلام : لا ، أمّا إذا كان بجهالة فليتزوّجها بعد ما تنقضي عدّتها ، وقد يعذر النّاس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك.
فقلت : بأيّ الجهالتين يعذر ، بجهالته أن يعلم أنّ ذلك محرّم عليه ، أم بجهالته أنّها في عدّة؟
فقال عليهالسلام : إحدى الجهالتين أهون من الاخرى ، الجهالة بأنّ الله حرّم عليه ذلك ، وذلك بأنّه لا يقدر على الاحتياط معها.
فقلت : فهو في الأخرى معذور؟
قال : نعم ، إذا انقضت عدّتها فهو معذور في أن يتزوّجها». الحديث.
فظهر من الرّواية جواز ترك الاحتياط مع إمكان أن يحصل العلم بأنّها في العدّة ، وأنّ الاحتياط أحسن كما يشعر به كلمة : أهون (٢).
__________________
ـ هم القائلون بالاحتياط كما لا يخفى على من راجع الأقوال المنسوبة الى الأخباريين أشار المصنّف بكلمة التّرقي الى أنّ خبر «الغوالي» كما انّه معارض بما دلّ على التخيير أو البراءة كذلك معارض أيضا ببعض أخبار التّوقف كالمروي في «الكافي» عن سماعه عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن رجل اختلف عليه رجلان من أهل دينه في أمر كلاهما يرويه أحدهما يأمر بأخذه والآخر ينهاه عنه ، كيف يصنع؟ قال عليهالسلام : يرجئه حتى يلقاه من يخبره ، فهو في سعة حتى يلقاه ، وفي رواية أخرى بأيّهما أخذت من باب التّسليم وسعك. انتهى كلام «الكافي» كما عن الملا محمد تقي الهروي.
(١) الكافى ٥ / ٤٣١ باب ٢٧٣ الحديث ٣ كما في «الوسائل» ج ٢٠ / ٤٥١ الحديث ٢٦٠٦٨.
(٢) وكذا في «الوافية» ص ١٩٣.