بن الحجّاج قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن رجلين أصابا صيدا وهما محرمان ، الجزاء بينهما أم على كلّ واحد منهما جزاء؟ فقال عليهالسلام : «لا ، بل عليهما جميعا ويجزي كلّ واحد منهما الصّيد». فقلت : إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه.
فقال : «اذا أصبتم مثل هذا فلم تدروا ، فعليكم بالاحتياط حتّى تسألوا عنه فتعلموا».
وفيه : بعد سلامة السّند ـ (١) أنّ ذلك لا ينافي العمل بالأصل إذ هو مشروط باليأس عن الدّليل عند مظنّته ، وهو موقوف على التتبّع التامّ ، كما سنذكره. فكما أنّ الآن لا يمكننا الحكم بأصل البراءة حتّى نتفحّص عن الأدلّة ، فكذلك أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، إذ هم أيضا كثيرا ما ظهر لهم أنّ للشيء حكما بالإجمال ولم يعرفوه بالتفصيل ، وعرفوا أنّهم مكلّفون بالسّؤال والتحصيل ، سيّما فيما ورد أحكامهم في نوعه ، مثل مسألة جزاء الصيد ونحوه ، وقد عرفت ما يبيّن هذا المقصد في مبحث الاستقصاء في الفحص عن المخصّص. ويظهر من ذلك المبحث بطلان قول من لا يوجب الفحص مطلقا.
وأمّا ما قيل في الجواب : من أنّ ذلك ممّا ثبت فيه اشتغال الذّمة بشيء مجمل له فردان ، والمطلوب فرد واحد معيّن عند الشّارع مبهم عند المخاطب ، وذلك ممّا لا خلاف في وجوب الإتيان بما يحصل اليقين ببراءة الذمّة ، فقد عرفت بطلانه بما لا مزيد عليه (٢). ودعوى عدم الخلاف مع ما عرفت كلام المحقق رحمهالله ونقله
__________________
(١) حسن كالصّحيح.
(٢) فقد علم بأنّ شرط التّكليف العلم التّفصيلي ، وانّ التّكليف بالشّيء المعيّن عند الشّارع المبهم عند المكلّف لا يصحّ.