قائمة الکتاب
الباب الرابع والخمسون قصّة بلوهر ويوذاسف
٥٧٧
إعدادات
كمال الدّين وتمام النّعمة
كمال الدّين وتمام النّعمة
المؤلف :أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه القمّي [ الشيخ الصدوق ]
الموضوع :الحديث وعلومه
الناشر :مؤسسة النشر الإسلامي
الصفحات :686
تحمیل
فلم يزد الملك عليه إلّا أن قال له : كذبت لم تصب شيئاً ، ولم تظفر إلّا بالشّقاء والعناء ، فاخرج ولا تقيمنَّ في شيء من مملكتي ، فانّك فاسد مفسد.
وولد للملك في تلك الأيّام بعد إياسه من الذُّكور غلامٌ لم ير النّاس مولوداً مثله قطُّ حسناً وجمالاً وضياء ، فبلغ السّرور من الملك مبلغاً عظيماً كاد أن يشرف منه على هلاك نفسه من الفرح ، وزعم أنَّ الاوثان الّتي كان يعبدها هي الّتي وهبت له الغلام ، فقسّم عامّة ما كان في بيوت أمواله على بيوت أوثانه ، وأمر النّاس بالاكل والشرب سنة وسمّى الغلام يوذاسف (١) وجمع العلماء والمنجّمين لتقويم ميلاده ، فرفع المنجّمون إليه أنّهم يجدون الغلام يبلغ من الشرف والمنزلة ما لا يبلغه أحدٌ قطُّ في أرض الهند ، واتّفقوا على ذلك جميعاً ، غير أنَّ رجلاً قال : ما أظنُّ الشّرف والمنزلة والفضل الّذي وجدناه يبلغه هذا الغلام إلّا شرف الاخرة ولا أحسبه إلّا أن يكون إماماً في الدِّين والنسك وذافضيلة في درجات الاخرة لأنّي أرى الشرف الّذي تبلغه ليس يشبه شيئاً من شرف الدُّنيا وهو شبيه بشرف الاخرة. فوقع ذلك القول من الملك موقعاً كاد أن ينغصه سروره بالغلام ، وكان المنجّم الّذي أخبره بذلك من أوثق المنجّمين في نفسه وأعلمهم وأصدقهم عنده ، وأمر الملك للغلام بمدينة فأخلاها وتخيّر له من الظّؤورة (١) والخدم كلَّ ثقة ، وتقدَّم إليهم أن لا يذكر فيما بينهم موت ولا آخرة ولا حزن ولا مرض ولا فناء حتّى تعتاد ذلك ألسنتهم وتنساه قلوبهم ، وأمرهم إذا بلغ الغلام أن لا ينطقوا عنده بذكر شيء ممّا يتخوَّفونه عليه خشية أن يقع في قلبه منه شيء فيكون ذلك داعية إلى اهتمامه بالدِّين والنسك ، وأن يتحفظوا ويتحرَّزوا من
__________________
(١) كذا بالياء في جميع النسخ والمظنون أنَّه تصحيف والصواب بوداسف والكلمة مركبة من « بوذا » و « سف » وقيل : بوذا هو الاسم الدينى لمؤسس الديانة البوذية ومعناه باللغة السنسكريتية : العالم الذى وصل الحصول على البوذة وهو العلم الكامل. لكن لم أجد في موضع يدخله أداة التعريف وعلى ما قيل ليس باسم علم بل هو صفة ، وبناء عليه يجوز أن يدخله « أل » ويقال « البوذا » والعلم عند الله.
(٢) جمع الظئر : المرضعة.