العقول أنَّه يجوز أن يلبث أصحاب الكهف في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعاً ، هل وقع التصديق بذلك إلّا من طريق السمع ، فلم لا يقع التصديق بأمر القائم عليهالسلام أيضاً من طريق السمع وكيف يصدِّقون ما يرد من الأخبار عن وهب بن المنبّه ، وعن كعب الاحبار في المحالات الّتي لا يصحُّ شيءٌ منها في قول الرَّسول صلىاللهعليهوآله ولا في موجب العقول ، ولا يصدِّقون بما يرد عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والائمّة عليهمالسلام في القائم وغيبته وظهوره بعد شك أكثر النّاس في أمره وارتدادهم عن القول به ، كما تنطق به الاثار الصحيحة عنهم عليهالسلام هل هذا إلّا مكابرة في دفع الحق وجحوده.
كيف لا يقولون : أنَّه لمّا كان في الزَّمان غير محتمل للتعمير وجب أن تجري سنة الاولين بالتعمير في أشهر الاجناس تصديقاً لقول صاحب الشريعة صلىاللهعليهوآله ولا جنس أشهر من جنس القائم صلىاللهعليهوآله لأنّه مذكور في الشرق والغرب على ألسنة المقرّين به والسنة المنكرين له ، ومتى بطل وقوع الغيبة بالقائم الثاني عشر من الائمّة عليهمالسلام مع الرِّوايات الصحيحة عن النبيِّ صلىاللهعليهوآله أنَّه أخبر بوقوعها به عليهالسلام بطلت نبوَّته لأنّه يكون قد أخبر بوقوع الغيبة بمن لم يقع به ، ومتى صحَّ كذبه في شيء لم يكن نبيّاً وكيف يصدِّق عليهالسلام فيما أخبر به في أمر عمّار بن ياسر رضياللهعنه أنَّه تقتله الفئة الباغية وفي أمير المؤمنين عليهالسلام أنَّه تخضب لحيته من دم رأسه ، وفي الحسن بن عليّ عليهماالسلام أنَّه مقتول بالسمِّ ، وفي الحسين بن عليٍّ عليهماالسلام أنَّه مقتول بالسيف؟ ولا يصدَّق فيما أخبر به من أمر القائم ووقوع الغيبة به والتعيين عليه (١) باسمه ونسبه؟! بلى هو عليهالسلام صادق في جميع أقواله ، مصيب في جميع أحواله ، ولا يصحُّ إيمان عبد حتّى لا يجد في نفسه حرجاً ممّا قضى ويسلّم له في جميع الأُمور تسليماً ، ولا يخالطه شكٌّ ولا ارتياب ، وهذا هو الاسلام ، والاسلام هو الاستسلام والانقياد. « ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ».
ومن أعجب العجائب أنَّ مخالفينا يروون أن عيسى بن مريم عليهالسلام مرَّ بأرض كربلا فرأى عدَّة من الظباء هناك مجتمعة ، فأقبلت إليه وهي تبكي وأنّه جلس وجلس
__________________
(١) في بعض النسخ « والنص عليه ».