عزّوجلّ في أرضه على جميع خلقه ، وأمّه صقيل الجارية ، ومولده بسرَّ من رأى في درب الرَّاضة (١) وقد اختلف النّاس في ولادته ، فمنهم من أظهر ، ومنهم من كتم ، ومنهم من نهى عن ذكر خبره ، ومنهم من أبدى ذكره والله أعلم به.
وحدَّث أبو الأديان قال : كنت أخدم الحسن بن عليِّ بن محمّد بن عليِّ بن موسى بن جعفر ابن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليِّ بن أبي طالب عليهمالسلام وأحمل كتبه إلى الامصار فدخلت عليه في علّته الّتي توفّي فيها صلوات الله عليه فكتب معي كتباً وقال : امض بها إلى المدائن فانّك ستغيب خمسة عشر يوماً وتدخل إلى سرّ من رأى يوم الخامس عشر وتسمع الواعية في داري وتجدني على المغتسل. قال أبو الأديان : فقلت : يا سيّدي فإذا كان ذلك فمن؟ قال : من طالبك بجوابات كتبي فهو القائم من بعدي ، فقلت : زدني ، فقال : من يصلّي عليَّ فهو القائم بعدي ، فقلت : زدني ، فقال : من أخبر بما في الهميان فهو القائم بعدي ، ثمَّ منعتني هيبته أن أسأله عمّا في الهميان.
وخرجت بالكتب إلى المدائن وأخذت جواباتها ودخلت سرَّ من رأى يوم الخامس عشر كما ذكر لي عليهالسلام فإذا أنا بالواعية في داره وإذا به على المغتسل وإذا أنا بجعفر بن عليٍّ أخيه بباب الدّار والشيعة من حوله يعزُّونه ويهنّونه ، فقلت في نفسي : أن يكن هذا الامام فقد بطلت الامامة ، لانّي كنت أعرفه يشرب النبيذ ويقامر في الجوسق ويلعب بالطنبور ، فتقدَّمت فعزَّيت وهنّيت فلم يسألني عن شيء ، ثمّ خرج عقيد فقال : يا سيّدي قد كفن أخوك فقم وصلِّ عليه فدخل جعفر بن عليٍّ والشيعة من حوله يقدمهم السمان والحسن بن عليّ قتيل المعتصم المعروف بسلمة.
فلمّا صرنا في الدّار إذا نحن بالحسن بن عليٍّ صلوات الله عليه على نعشه مكفّناً فتقدَّم جعفر بن عليٍّ ليصلّي على أخيه ، فلمّا همَّ بالتكبير خرج صبيٌّ بوجهه سمرة ، بشعره قطط ، بأسنانه تفليج ، فجبذ برداء جعفر بن عليٍّ وقال : تأخّر يا عمّ فأنا أحقّ بالصلاة على أبي ، فتأخّر جعفر ، وقد اربدَّ وجهه واصفرَّ (٢).
__________________
(١) في بعض النسخ « درب الرصافة » وفي بعضها « دار الرصافة ».
(٢) اربد وجهه أي تغير إلى الغبرة.