ونشره وربضناه عندنا بالتذكرة وقبول المنّة فبارك الله فيما خوَّلك وأدام لك مانوً لك (١) وكتب لك أحسن ثواب المحسنين وأكرم آثار الطائعين ، فإنَّ الفضل له ومنه ، وأسأل الله أن يردَّك إلى أصحابك بأوفر الحظّ من سلامة الاوبة وأكناف الغبطة بلين المنصرف ولا أوعث الله لك سبيلا (٢) ، ولا حيّر لك دليلاً ، وأستودعه نفسك وديعة لا تضيع ولا تزول بمنّه ولطفه إن شاء الله.
يا أبا اسحاق : قنعنا بعوائد إحسانه وفوائد امتنانه ، وصان أنفسنا عن معاونة الاولياء لنا عن الاخلاص في النيّة ، وإمحاض النصيحة ، والمحافظة على ما هو أنقي وأتقى وأرفع ذكراً (٣).
قال : فأقفلت عنه (٤) حامداً لله عزَّ وجلَّ على ما هداني وأرشدني ، عالماً بأنَّ الله لم يكن ليعطّل أرضه ولا يخلّيها من حجّة واضحة ، وإمام قائم ، وألقيت (٥) هذا الخبر المأثور والنسب المشهور توخيّاً للزِّيادة في بصائر أهل اليقين ، وتعريفاً لهم ما من الله عزَّ وجلَّ به من إنشاء الذُّريّة الطيّبة والتربة الزّكيّة ، وقصدت أداء الامانة والتسليم لمّا استبان ليضاعف الله عزَّ وجلَّ الملّة والهادية ، والطريقة المستقيمة المرضيّة (٦) قوَّة عزم وتأييد نيّة ، وشدَّة أزر ، واعتقاد عصمة ، والله يهدي من يشاء
__________________
(١) ربضت الشاة : أقامت في مربضها. وربضه بالمكان تربيضا ثبته فيه ، والدواب : آواها في المربض. وخوله الشيء : أعطاه إيّاه متفضلا ، أو ملكه اياه. ونوله تنويلا : أعطاه نوالا ، ونوله معروفه أعطاه اياه.
(٢) الاوبة : الرجوع ، والاكناف اما بكسر الهمزة مصدر أكنفه أي صانه وحفظه وأعانه وأحاطه ، أو بفتحها جمع الكنف ـ محركه ـ وهو الحرز والستر والجانب والظل والناحية. ووعث الطريق : تعسر سلوكه ، والوعث : الطريق العسر ، والوعثاء : المشقة.
(٣) في بعض النسخ « ما هو أبقى وأتقى وأرفع ذكراً ».
(٤) أي رجعت عنه ، وفي بعض النسخ « فأقلعت عنه » أي تركته.
(٥) في بعض النسخ « وألفت ».
(٦) في بعض النسخ « والطبقة المرضية ». مكان « والطريقة ـ الخ ».