عرائكهم للدِّين (١) ، خشنة ضرائبهم عن العدوان ، واضحة بالقبول أوجههم ، نضرة بالفضل عيدانهم (٢) يدينون بدين الحقِّ وأهله ، فإذا اشتدَّت أركانهم ، وتقوَّمت أعمادهم فدَّت بمكانفتهم (٣) طبقات الامم إلى إمام ، إذ تبعتك في ظلال شجرة دوحة تشعّبت أفنان غصونها على حافاة بُحيرة الطبريّة (٤) فعندها يتلالؤ صبح الحقِّ وينجلي ظلام الباطل ، ويقصم الله بك الطغيان ، ويعيد معالم الايمان ، يظهر بك استقامة الافاق وسلام الرِّفاق ، يودُّ الطفل في المهد لو استطاع إليك نهوضاً ، ونواشط الوحش لو تجد نحوك مجازاً ، تهتزُّ بك (٥) أطراف الدُّنيا بهجة ، وتنشر عليك أغصان العزِّ نضرة ، وتستقرُّ بواني الحقِّ في قرارها ، وتؤوب شوارد الدِّين (٦) إلى إو كارها ، تتهاطل عليك سحائب الظفر ، فتخنق كلُّ عدوٍّ ، وتنصر كلّ وليٍّ ، فلا يبقي على وجه الأرض جبّار قاسط ولا جاحد غامط ، ولا شانيء مبغض ، ولا معاند كاشح (٧) ، ومن يتوكّل على الله فهو
__________________
(١) العرائك جمع عريكة وهي الطبيعة ، وكذا الضرائب جمع ضريبة وهي الطبيعة أيضاً والسيف وحدّه.
(٢) العيدان ـ بالفتح ـ الطوال من النخل.
(٣) فدّ يفد ـ كفر يفر ـ : عدا وركض. والمكانفة : المعاونة. والاعماد : جمع عمود من غير قياس.
(٤) « إذ تبعتك » أي بايعك وتابعك هؤلاء المؤمنون. والدوحة : الشجرة العظيمة والافنان : الاغصان. وفي بعض النسخ « بسقت أفنان غصونها » وبسق النخل بسوقاً : طال. والحافاة : الجوانب.
(٥) الناشط : الثور الوحشي يخرج من أرض إلى أرض. وتهتز : أي تنحرك.
(٦) بواني الحق : أساسها. وفي بعض النسخ « بواني العز » أي الخصال الّتي تبني العز وتؤسسها. وآب يؤوب أوبا فهو آب أي راجع. وشرد البعير أي نفر فهو شارد والوكر : عش الطائر ، جمعها أوكار. وتهاطل السحاب أي تتابع بالمطر.
(٧) الغامط : الحاقر للحق ، وغمط العافية لم يشكرها ، وغمط أهله بطر بالنعمة والشانيء ، العائب. والكاشح : الّذي يضمر لك العداوة.