|
يكون معصوماً من الذُّنوب كلّها ، وأن يكون أشجع النّاس ، وأن يكون أسخى النَّاس. فقال عبد الله بن يزيد الاباضيُّ : من أين قلت : إنَّه أعلم النّاس؟ قال : لأنّه إن لم يكن عالماً بجميع حدود الله وأحكامه وشرائعه وسننه لم يؤمن عليه أن يقلب الحدود ، فمن وجب عليه القطع حدَّه ، ومن وجب عليه الحد قطعه ، فلا يقيم لله عزَّ وجلَّ حدّاً على ما أمر به فيكون من حيث أراد الله صلاحاً يقع فساداً. قال : فمن أين قلت : إنَّه معصوم من الذنوب؟ قال لأنّه إن لم يكن معصوماً من الذُّنوب دخل في الخطأ ، فلا يؤمن أن يكتم على نفسه ويكتم على حميمه وقريبه ، ولا يحتجُّ الله بمثل هذا على خلقه. قال : فمن أين قلت : إنَّه أشجع النّاس ؛ قال : لأنّه فئة للمسلمين الّذي يرجعون إليه في الحروب ، وقال الله عزَّ وجلَّ : « ومن يولّهم يومئذ دبره إلّا متحرِّفاً لقتال أو متحيّزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله » (١) فإن لم يكن شجاعاً فر فيبوء بغضب من الله ، ولا يجوز أن يكون من يبوء بغضب من الله عزَّ وجلَّ حجّة الله على خلقه. قال : [ فـ ] من أين قلت أنَّه أسخى النّاس؟ قال : لأنّه خازن المسلمين فإنَّ لم يكن سخيا تاقت نفسه إلى أموالهم (٢) فأخذها فكان خائناً ، ولا يجوز أن يحتجَّ الله على خلقه بخائن. فعند ذلك قال ضرار : فمن هذا بهذه الصفة في هذا الوقت؟ فقال : صاحب القصر أمير المؤمنين. وكان هارون الرَّشيد قد سمع الكلام كلّه ، فقال عند ذلك : أعطانا والله من جراب النورة ، ويحك يا جعفر ـ وكان جعفر بن يحيى جالساً معه في الستر ـ من يعني بهذا؟ فقال : يا أمير المؤمنين يعني |
__________________
(١) الانفال : ١٦.
(٢) أي اشتاقت ونازعت نفسه إليه.