من صبب (١) ، فإذا استقام أن يشبّه رسول الله صلىاللهعليهوآله أحداً من الائمّة علهيم السلام بالأنبياء والرُّسل استقام لنا أن نشبّه جميع الائمّة بجميع الأنبياء والرُّسل ، وهذا دليل مقنعٌ وقد ثبت شكل صاحب زماننا عليهالسلام في غيبته بغيبة موسى عليهالسلام وغيره ممّن وقعت بهم الغيبة ، وذلك أنَّ غيبة صاحب زماننا وقعت من جهة الطواغيت لعلّة التدبير من الّذي قدَّمنا ذكره في الفصل الأوَّل.
ومما يفسد معارضة خصومنا في نفي تشاكل الأئمّة والأنبياء أنَّ الرُّسل الّذين تقدَّموا قبل عصر نبينا صلىاللهعليهوآله كان أوصياؤهم أنبياء ، فكلُّ وصيٍّ قام بوصيّة حجّة تقدّمه من وقت وفاة آدم عليهالسلام إلى عصر نبيّنا صلىاللهعليهوآله كان نبيّاً ، وذلك مثل وصي آدم كان شببث ابنه ، وهو هبة الله في علم آل محمّد صلىاللهعليهوآله وكان نبيّاً ، ومثل وصي نوح عليهالسلام كان سام ابنه وكان نبيّاً ، ومثل إبراهيم عليهالسلام كان وصيه إسماعيل (٢) ابنه وكان نبيّاً ، ومثل موسى عليهالسلام كان وصيّه يوشع بن نون وكان نبيّاً ، ومثل عيسى عليهالسلام كان وصيّه شمعون الصفا وكان نبيّاً ، ومثل داود عليهالسلام كان وصيه سليمان عليهالسلام ابنه وكان نبيّاً. وأوصياء نبيّنا عليهمالسلام لم يكونوا أنبياء ، لأنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل محمّداً خاتماً لهذه الامم (٣) كرامة له وتفضيلاً ، فقد تشاكلت الائمّة والأنبياء بالوصية كما تشاكلوا فيما قدّمنا ذكره من تشاكلهم فالنبيُّ وصيٌّ والامام وصيٌّ ، والوصيُّ إمام والنبي إمام ، والنبيُّ حجّة والامام حجّة (٤) ، فليس في الاشكال أشبه من تشاكل الائمّة والانبياء.
وكذلك أخبرنا رسول الله صلىاللهعليهوآله بتشاكل أفعال الاوصياء فيمن تقدّم وتأخّر من قصّة يوشع بن نون وصيِّ موسى عليهالسلام مع صفراء بنت شعيب زوجة موسى وقصّة
____________
(١) أي يرفع رجليه رفعاً بيناً بقوة دون احتشام وتبختر. والصبب : ما انحدر من الأرض أو الطريق.
(٢) في بعض النسخ « اسحاق ».
(٣) في بعض النسخ « لهذا الاسم » أي النبوة.
(٤) في بعض النسخ « والوصي حجّة ».