وهم عليهمالسلام الهداة على معنى الصخرة العظيمة الّتي يتخذ الضبُّ عندها جحراً فيأوي إليه لقلّة هدايته ، وهو أصل الشجرة المقطوعة لأنّهم وتروا وظلموا وجفوا وقطعوا ولم يواصلوا فنبتوا من أصولهم وعروقهم ، لا يضرُّهم قطع من قطعهم ، ولا إدبار من أدبر عنهم ، إذ كانوا من قبل الله منصوصاً عليهم على لسان نبيِّ الله صلىاللهعليهوآله .
ومن معنى العترة هم المظلومون المأخوذون بما لم يجترموه ولم يذنبوه ومنافعهم كثيرة. وهم عليهمالسلام ينابيع العلم على معنى الشجرة الكثيرة اللبن. وهم عليهمالسلام ذكراناً غير إناث على معنى قول من قال : إنَّ العترة هو الذكر. وهم عليهمالسلام جند الله عزَّ وجلَّ وحزبه على معنى قول الاصمعي : « أنَّ العترة الرِّيح » قال النبيُّ صلىاللهعليهوآله « الرِّيح جند الله الأكبر » في حديث مشهور عنه ، والرِّيح عذاب على قوم ورحمة لاخرين ، وهم عليهمالسلام كذلك كالقرآن المقرون إليهم بقول النبيِّ صلىاللهعليهوآله : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي » قال الله عزَّ وجلَّ « وننزِّل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلّا خساراً » (١) وقال عزَّ وجلَّ : « وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيّكم زادته هذه إيماناً * فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيماناً وهم يستبشرون * وأمّا الّذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون » (٢) وهم عليهمالسلام أصحاب المشاهد المتفرِّقة والبيوت النازحة (٣) على معنى الّذي ذهب إليه من قال : إنَّ العترة هو نبت مثل المرزنجوش ينبت متفرِّقاً ، وبركاتهم عليهمالسلام منبثة في المشرق والمغرب.
وأما الذرية فقد قال أبو عبيدة : تأويل الذُّريّات عندنا إذا كانت بالألف (٤)
__________________
(١) الاسراء : ٨٢.
(٢) التوبة : ١٢٥.
(٣) نزحت الدّار نزوحا : بعدت. وبلد نازح وقوم منازيح. وقد نزح بفلان إذا بعد عن دياره غيبة بعيدة.
(٤) أي بالالف والتاء « الذريات ».