قال أبو عبيد (١) في كتاب الأمثال ـ حكاه عن أبي عبيدة ـ (٢) : العتر والعطر : أصل للانسان ومنه قولهم : « عادت لعترها لميس » (٣) أي عادت إلى خلق كانت فارقته.
فالعترة في أصل اللّغة أهل الرَّجل وكذا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله « عترتي أهل بيتي » فتبيّن أنَّ العترة الأهل الولد وغيرهم ، ولو لم تكن العترة الأهل وكانوا الولد دون سائر أهله لكان قوله عليهالسلام : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا علىَّ الحوض » لم يدخل عليّ ابن أبي طالب عليهالسلام في هذه الشريطة لأنّه لم يدخل في العترة فلا يكون عليّ عليهالسلام ممّن لا يفارقه الكتاب ولا ممّن إن تمسكنا به لن نضلَّ ولا يكون ممّن دخل في هذا القول فيكون كلام النبيِّ صلىاللهعليهوآله خاصّاً دون عامّ ، فإنَّ صلح أن يكون خاصّاً في الولد صلح أن يكون في بعض الولد لأنّه ليس في الكلام ما يدلُّ على خصوصيّة في جنس دون جنس.
ومما يدلُّ أنَّ عليّاً عليهالسلام داخل في العترة قوله عليهالسلام : « إنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » وقد أجمعت الاُمّة إلّا من شذَّ ممّن لا يعدُّ في ذلك بخلاف أنَّ عليّاً عليهالسلام لم يفارق حكم كتاب الله وأن رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يخلف في وقت مضيه أحداً أعلم بكتاب الله منه ، وقد كان الحسن والحسين عليهماالسلام ممّن خلّفهما فهل في الاُمّة من يقول : إنّهما كانا أعلم بكتاب اللسه منه وهل كانا إلّا آخذين عنه ومقتدين به ، ولا يخلو قوله صلىاللهعليهوآله : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا » لكلِّ عصر أراد ، أو لعصر دون
__________________
(١) هو القاسم بن سلام ـ كظلام ـ المتوفى ٢٢٣ وكان من المشاهير في اللّغة والحديث والادب.
(٢) هو معمر ـ كجعفر ـ ابن المثنى ـ كمعمي ـ البصري النحوي اللغوى. المتوفى ٢٠٩. وفي مروج الذهب « وفي سنة ٢١١ مات أبو عبيدة العمرى معمر بن المثنى كان يرى رأى الخوارج وبلغ نحواً من مائة سنه ولم يحضر جنازته أحد من النّاس بالمصلى حتّى اكترى لها من يحملها ولم يكن يسلم عليه شريف ولا وضيع إلّا تكلم فيه ».
(٣) العتر : الاصل. ولميس اسم امرأة ، مثل يضرب لمن يرجع إلى عادة سؤء تركها ، واللام في لعترها بمعنى إلى كما في التنزيل « ولو ردوا لعادوا لمّا نهو عنه ».