فإذا أنصتّم فاسمعوا ، فإذا سمعتم فعوا ، فإذا وعيتم فاحفظوا ، فإذا حفظتم فاصدقوا ، إلّا إنَّه من عاش مات ، ومن مات فات ، ومن فات فليس بآت ، إنَّ في السّماء خبرا وفي الأرض عبراً ، سقفٌ مرفوعٌ ، ومهاد موضوع ، ونجوم تمور (١) وليل يدور ، وبحار ماء [ لا ] تغور ، يحلف قس ما هذا بلعب وإن من وراء هذا لعجبا ، مالي أرى النّاس يذهبون فلا يرجعون ، أرضوا بالمقام فأقاموا؟ أم تركوا فناموا؟ يحلف قسٌّ يميناً غير كاذبة إنَّ لله ديناً هو خير من الدِّين الّذي أنتم عليه. ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : رحم الله قُسّاً يحشر يوم القيامة اُمّة وحده ، قال : هل فيكم أحد يحسن من شعره شيئاً؟ فقال بعضهم : سمعته يقول :
في الأوّلين الذّاهبيـن |
|
من القرون لنـا بصـائر |
لما رأيـت مـوارداً |
|
للـوت ليس لهـا مصادر |
ورأيت قومي نحوها |
|
تمضى الأكابر والاصاغر |
لا يرجع الماضي إليَّ |
|
ولا من الباقين غابر (٢) |
أيقنت أنّي لا محالة |
|
حيث صار القوم صـائر |
وبلغ من حكمة قسِّ بن ساعدة ومعرفته أنَّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يسأل من يقدم عليه من أياد من حكمه ويصغي إليه سمعه.
٢٣ ـ حدّثنا الحسن بن عبد الله بن سعيد قال : حدّثنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن إسماعيل قال : أخبرنا محمّد بن زكريّا قال : حدّثنا عبد الله بن الضحاك ، عن هشام ، عن أبيه (٣) أنَّ وفداً من أياد قدموا على رسول الله صلىاللهعليهوآله فسألهم عن حكم قسِّ ابن ساعدة فقالوا : قال قس :
__________________
(١) مار الشيء يمور موراً أي تحرك وجاء وذهب.
(٢) كذا وفى بعض نسخ الحديث هكذا : لا يرجع الماضي ولا * يبقى من الباقين غابر.
(٣) المراد بهشام هشام بن محمّد بن السائب الكلبي. كما يظهر من كتاب مقتضب الاثر ص ٣٧.