قال : فجعلت أحمل طول ليلتي فلمّا أجهدني التعب رفعت يدي إلى السّماء وقلت : يا ربّ إنّك حبّبت محمداً ووصيّه إليَّ فبحقِّ وسيلته عجّل فرجي وأرحني ممّا أنا فيه ، فبعث الله عزَّ وجلَّ ريحاً فقلعت ذلك الرَّمل من مكانه إلى المكان الّذي قال اليهوديُّ ، فلمّا أصبح نظر إلى الرمل قد نقل كله ، فقال : يا روزبه أنت ساحر وأنا لا أعلم فلاجرجنّك من هذه القرية لئلا تهلكها ، قال : فأخرجني وباعني من امرأة سلميّة فأحبّتني حبّاً شديداً وكان لها حائط ، فقالت : هذا الحائط لك كلّ منه وما شئت وهب وتصدق.
قال : فبقيت في ذلك الحائط ما شاء الله فبينا أنا ذات يوم في الحائط إذا أنا بسبعة رهط قد أقبلوا تظلّهم غمامة ، فقلت في نفسي : والله ما هؤلاء كلّهم أنبياءً ولكنَّ فيهم نبيّاً قال : فأقبلوا حتّى دخلوا الحائط والغمامة تسير معهم ، فلمّا دخلوا إذا فيهم رسول الله صلىاللهعليهوآله وأمير المؤمنين عليهالسلام وأبوذرٍّ والمقداد وعقيل بن أبي طالب (١) وحمزة بن عبد المطّلب وزيد بن حارثة ، فدخلوا الحائط فجعلوا يتناولون من حشف النخل ورسول الله صلىاللهعليهوآله يقول لهم : كلوا الحشف ولا تفسدوا على القوم شيئاً ، فدخلت على مولاتي فقلت لها : يا مولاتي هبي لي طبقاً من رطب ، فقالت : لك ستّة أطباق ، قال : فجئت فحملت طبقا من رطب ، فقلت في نفسي : إن كان فيهم نبيٌّ فإنه لا يأكل الصدقة ، ويأكل الهدية ،
__________________
(١) فيه وهم كما لا يخفى لأنّ اسلام عقيل على ما ذكروه قبل الحديبية وهو لم يشهد المواقف الّتي قبلها وقد أخرج مع المشركين كرهاً إلى بدر واسر وفداه عمه العبّاس بن عبد المطلب وكان حمزة رضياللهعنه استشهد يوم أحد ، واسلام سلمان كان بقباء حين قدوم النبيّ صلىاللهعليهوآله المدينة مهاجراً ، وعده ابن عبد البر فيمن شهد بدراً ، فإنَّ لم نقبل ذلك فلا أقل من حضوره في غزوة الاحزاب فإنَّ المسلمين حفروا الخندق بمشورته ، فكيف يجمع بين حمزة وعقيل مع النبيّ صلىاللهعليهوآله في حائط من حيطان المدينة قبل اسلام سلمان رضياللهعنه. ولا يقال : لعل عقيل تصحيف جعفر ، لأنّ جعفر حينذاك في الحبشة وقدم المدينة بعد فتح خيبر ، ثمّ اعلم أنَّ الامر في الخبر سهل لأنّه مرسل وهو كما ترى يشبه القصص والاساطير ، والله العالم.