ابن أبي طالب صلوات الله عليه وسلمان الفارسي وأباذرٍّ وجماعة من قريش كانوا مجتمعين عند قبر النبيِّ صلىاللهعليهوآله فقال أمير المؤمنين عليهالسلام لسلمان : يا أبا عبد الله إلّا تخبرنا بمبدء أمرك؟ فقال سلمان : والله يا أمير المؤمنين لو أنَّ غيرك سألني ما أخبرته ، أنا كنت رجلاً من أهل شيراز من أبناء الدهّاقين وكنت عزيزاً على والديّ فبينا أنا سائر مع أبي في عيد لهم إذا أنا بصومعة وإذا فيها رجلٌ ينادي أشهد أن لا إله إلّا الله وأنَّ عيسى روح الله ، وأنَّ محمداً حبيب الله ، فرسخ وصف محمّد (١) في لحمي ودمي فلم يهنئني طعام ولا شراب ، فقالت لي أمّي : يا بني مالك اليوم لم تسجد لمطلع الشمس؟ قال : فكابرتها حتّى سكتت ، فلمّا انصرفت إلى منزلي إذا إنّا بكتاب معلّق في السّقف فقلت لاُمّي : ما هذا الكتاب؟ فقالت : يا روزبه إنَّ هذا الكتاب لمّا رجعنا من عيدنا رأيناه معلّقاً ، فلا تقرب ذلك المكان فانّك أنَّ قربته قتلك أبوك ، قال : فجاهدتها حتّى جن الليل فنام أبي وأمي فقمت وأخذت الكتاب وإذا فيه بسم الله الرّحمن الرحيم هذا عهد من الله إلى آدم أنَّه خالق من صلبه نبيّاً يقال له : محمّد ، يأمر بمكارم الاخلاق وينهى عن عبادة الاوثان ، يا روزبه ائت وصيَّ عيسى وآمن واترك المجوسية ، قال : فصعقت صعقة وزادني شدّة قال : فعلم بذلك أبي وأمّي فأخذوني وجعلوني في بئر عميقة ، وقالوا لي : أن رجعت وإلّا قتلناك ، فقلت لهم : افعلوا بي ما شئتم ، حبُّ محمّد لا يذهب من صدري ، قال سلمان : ما كنت أعرف العربيّة قبل قراءتي الكتاب ، ولقد فهّمني الله عزَّ وجلَّ العربية من ذلك اليوم قال : فبقيت في البئر فجعلوا ينزلون في البئر إلىَّ أقراصاً صغاراً.
قال : فلمّا طال أمري رفعت يدي إلى السّماء فقلت : يا رب إنّك حببت محمداً ووصيه إلى فبحق وسيلته عجل فرجي وأرحني ممّا أنا فيه ، فأتاني آت عليه ثياب بيض فقال : قم يا روزبه ، فأخذ بيدي وأتى بي إلى الصومعة فأنشأت أقول : أشهد أن لا إله إلّا الله وأن عيسى روح الله ، وأن محمداً حبيب الله ، فأشرف عليّ الديراني فقال : أنت روزبه؟ فقلت : نعم ، فقال : اصعد فأصعدني إليه وخدمته حولين كاملين ، فلمّا حضرته
__________________
(١) في بعض النسخ « فرصف حب محمّد ».