على عمله؟ فقال : استخلف خالد بن أسيد على الكوفة وسمرة بن جندب على البصرة ، فقال له معاوية : لو استعملك أبوك لاستعملتك ، فقال له : أنشدك الله أن لا يقولها أحد بعدك ، لو ولّاك أبوك أو عمّك لولّيتك ، فعهد إليه وولّاه ثغر خراسان ، وقيل : إن الذي ولي خراسان بعد موت زياد من ولده عبد الرحمن ، قال البلاذري : لما مات زياد استعمل معاوية عبيد الله بن زياد على خراسان ، وهو ابن خمس وعشرين سنة ، فقطع النهر في أربعة وعشرين ألفا ، وكان ملك بخارى قد أفضى يومئذ إلى امرأة يسمّونها خاتون ، فأتى عبيد الله بيكند ، وكانت خاتون بمدينة بخارى فأرسلت إلى التّرك تستمدّهم ، فجاءها منهم دهم فلقيهم المسلمون فهزموهم وحووا عسكرهم ، وأقبل المسلمون يخرّبون ويحرقون فبعثت إليهم خاتون تطلب منهم الصلح والأمان ، فصالحها على ألف ألف ودخل المدينة وفتح زامين وبيكند ، وبينهما فرسخان ، وزامين تنسب إلى بيكند ويقال : إنه فتح الصغانيان وعاد إلى البصرة في ألفين من سبي بخارى كلّهم جيّد الرمي بالنّشّاب ففرض لهم العطاء ، ثم استعمل معاوية على خراسان سعيد بن عثمان بن عفّان سنة ٥٥ ، فقطع النهر ، وقيل : إنه أول من قطعه بجنده ، وكان معه رفيع أبو العالية الرياحي ، وهو مولّى لامرأة من بني رياح ، فقال رفيع وأبو العالية رفعة وعلوّ ، فلما بلغ خاتون عبوره حملت إليه الصلح ، وأقبل أهل الصغد والترك وأهل كشّ ونسف إلى سعيد في مائة ألف وعشرين ألف فالتقوا ببخارى فندمت خاتون على أدائها الإتاوة ونقضت العهد ، فحضر عبد لبعض أهل تلك الجموع فانصرف بمن معه فانكسر الباقون ، فلما رأت خاتون ذلك أعطته الرّهن وأعادت الصلح ، ودخل سعيد مدينة بخارى ثم غزا سمرقند كما نذكره في سمرقند. ثم لم يبلغني من خبرها شيء إلى سنة ٨٧ في ولاية قتيبة بن مسلم خراسان ، فإنه عبر النهر إلى بخارى فحاصرها فاجتمعت الصغد وفرغانة والشاش وبخارى فأحدقوا به أربعة أشهر ثم هزمهم وقتلهم قتلا ذريعا وسبى منهم خمسين ألف رأس ، وفتحها فأصاب بها قدورا يصعد إليها بالسلاليم ، ثم مضى منها إلى سمرقند ، وهي غزوته الأولى ، وصفت بخارى للمسلمين ، وينسب إلى بخارى خلق كثير من أئمة المسلمين في فنون شتّى ، منهم : إمام أهل الحديث أبو عبد الله محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم بن مغيرة بن بردزبه ، وبردزبه مجوسيّ أسلم على يد يمان البخاري والي بخارى ، ويمان هذا هو أبو جدّ عبد الله بن محمد المسندي الجعفي ، ولذلك قيل للبخاري : الجعفي نسبة إلى ولائهم ، صاحب الجامع الصحيح والتاريخ ، رحل في طلب العلم إلى محدّثي الأمصار وكتب بخراسان والعراق والشام والحجاز ومصر ، ومولده سنة ١٩٤ ، ومات ليلة عيد الفطر سنة ٢٥٦ ، وامتحن وتعصّب عليه حتى أخرج من بخارى إلى خرتنك فمات بها ، ومنهم : أبو زكرياء عبد الرحيم بن أحمد بن نصر بن إسحاق بن عمرو بن مزاحم بن غياث التميمي البخاري الحافظ ، سمع بما وراء النهر والعراق والشام ومصر وإفريقية والأندلس ، ثم سكن مصر وحدث عن عبد الغني بن سعيد الحافظ وتمام بن محمد الرازي وعمن يطول ذكرهم ، وحكى عنه الفقيه أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي أنه قال : لي ببخارى أربعة عشر ألف جزء أريد أن أمضي وأجيء بها ، وقال أبو عبد الله محمد بن أحمد الخطّاب : سمع أبو