بعد. ولا بدّ من اشارة هنا إلى أنه قد طبع من كتب ابن الجوزي حتى هذا العام ١٩٧٩ نحو أربعين مؤلفا ، وورد في نشرة معهد المخطوطات في مصر ما يفيد أن هناك كتبا لابن الجوزي تحقق الآن للنشر.
بعض نواحي خلقه
قال سبطه عنه أنه كان زاهدا في الدنيا متقللا منها ، وما مازح أحدا قط ، ولا لعب مع صبي ، ولا أكل من جهة الا تيقن حلها (٩٦). وكان ينتقد الفقهاء الذين يأخذون أجرا على فقههم. ومن يقرأ كتاب تلبيس إبليس أو صفة الصفوة يدرك حبّه للاتقياء ، وثناءه على المخلصين في الدين ، ومن هم على طريقة السلف الصالح وانكاره للسماع والغناء واعتباره الاستماع إلى المغنيين والمغنيات وآلات الطرب في حفلات اللهو من المحرمات (٩٧). ويلاحظ من خبر له مع أمير الحاج ذكرناه (٩٨) ، ومع صهره ، أنه كان مخلصا في عقيدته ، وفي تعليمه ، وفي وعظه ، ديّنا بحيث زعم أنه لما تحقق أن صهره زوج ابنته ست العلماء كان يبدو منه ما يدل على سوء عقيدته ، هجره سنين ، ولما مات لم يصلّ عليه. كذلك نقل عنه سبطه أنه ذكر في كتبه الشيخ ابن الحداد الحنبلي ، وكيف تغيّر اعتقاده حين قرأ كتب الفلاسفة ، ثم قال : «وكان يبدو من فلتات لسانه ما يدل على سوء عقيدته ، وتارة يشير إلى عدم بعث الأجساد ، ويعترض على القضاء والقدر ، ثم يقول : فلما تحقق هذا عندي ، هجرته سنين ، ولما مات لم أصلّ عليه» (٩٩).
__________________
(٩٦) ابن العماد الحنبلي ٤ : ٣٣٠.
(٩٧) ابن الجوزي (تلبيس) ٢٢٧ ـ ٢٣٦.
(٩٨) سبط ابن الجوزي ٨ : ١٢٤.
(٩٩) سبط ابن الجوزي ٨ : ١٢٤.