وكانت شهرته قد
ذاعت وعرفت مكانته ، فألقى عظة في كلّ من الجامعين الكبيرين فيهما. وهكذا فانه لم
يقم بأيّ رحلة إلى قطر غير الحجاز ، وظلّ طول حياته في بغداد ما عدا السنين التي
نفي فيها إلى واسط. وقد وصف ما رآه في زيارته الثانية للحجاز ، فقال : «ودار بنا
الدليل على طريق خيبر ، فرأيت من الجبال وغيرها العجايب» وعلّق حفيده على كلام
جدّه فقال : «ما رأى رحمه الله جبل لبنان وجبل الثلج وايلة وغيرها» . ويقصد سبطه بهذا القول أنه لو رأى هذه المواضع ، لما بلغ
إعجابه إلى هذا الحد بما رأى في الحجاز.
نكبته في طوفان
بغداد
وفي آخر خلافة
المتقي (٥٣٠ ـ ٥٥٥ ه) كان ابن الجوزي قد كتب كتبا كثيرة ، ولكنها غرقت فيما يقول
سبطه ، وذلك بسبب الطوفان العظيم الذي اجتاح بغداد سنة ٥٥٤ ه. ودمّر كل الضاحية
التي كانت فيها داره ، وكانت في شارع اسمه درب الغبار فاضطر ابن الجوزي ، حين أخذ
الطوفان يحتاج الحي الذي كانت داره فيه ، إلى أن يعبر الجانب الغربي ، حتى إذا عاد
بعد ذلك بيومين ، لم يجد حائطا قائما ، ولم يستطع أن يعرف أين كانت ، بل لم يستدل
على الدرب نفسه إلا من منارة المسجد فانها لم تقع . وقد نكب في تلك السنة نفسها بوفاة ابنه الاكبر عبد العزيز
__________________