الحرف من جهة أخرى ، فمتى الشرطية وحدها تدل على مجرد تعليق مطلق ، ولكنها بعد وضعها فى الجملة دلت على معنى فى الجملة التى بعدها ، وهو تعليق شىء معين بشىء آخر معين : أى : توقف وقوع الإكرام على وقوع الحضور ، فحصول الأمر الثانى المعين : مرتبط بحصول الأول المعين.
وهى وحدها فى الاستفهام تدل على مجرد الاستفهام والسؤال ، من غير دلالة على الشىء الذى تسأل عنه ، أو عن صاحبه ، أو غير ذلك. لكنها بعد وضعها فى الجملة دلت على معنى جزئى جديد ؛ فوق المعنى السابق : هو أن السؤال متجه إلى معنى محدد. هو الحضور ، ومتجه إلى المخاطب أيضا.
وكذلك اسم الإشارة ، مثل كلمة : هذا ؛ فإنها وهى منفردة ، تدل على مطلق الإشارة ، من غير دلالة على مشار إليه أو نوعه ؛ أهو محسوس أم غير محسوس؟ حيوان أم غير حيوان؟
لكن إذا قلنا : هذا محمد ، فإن الإشارة صارت مقيدة بانضمام معنى جديد إليها ؛ هو الدلالة على ذات محسوسة لإنسان (١).
فإن صح ما يقولونه من هذه التعليلات ، فلماذا أعربت : «أىّ» الشرطية ، «وأىّ» الاستفهامية ، وأسماء الإشارة المثناة ؛ مثل : هذان عالمان ، وهاتان حديقتان؟ نعم ؛ لهذا عندهم إجابة ، وعليها اعتراض ، ثم إجابة ، ثم اعتراض ...
ثالثها : الشبه الاستعمالى :
بأن يكون الاسم عاملا فى غيره ، ولا يدخل عليه عامل ـ مطلقا ـ يؤثر فيه فهو كالحرف : فى أنه عامل غير معمول ، كأسماء الأفعال ، مثل : هيهات القمر ، وبله المسىء ، فهيهات : اسم فعل ماض ، بمعنى بعد جدّا ، وفاعله القمر ، وبله : اسم فعل أمر ، بمعنى : اترك ، وفاعله ضمير ، تقديره : أنت ، والمسىء :مفعول به ، وكلاهما قد عمل الرفع فى الفاعل ، كما أن «بله» عملت النصب فى المفعول ، ولا يدخل على واحد من اسمى الفعل عامل يؤثر فيه.
__________________
(١) راجع ٢٨٩ م ٢٤.