زيادة وتفصيل :
(ا) عند ما ينكشف معنى الحرف الأصلى بسبب وضعه فى جملة ، ويظهر المراد منه ، فإن ذلك المعنى ينصبّ على ما بعد الحرف ، ويتركز فيه ؛ سواء أكان ما بعد الحرف الأصلى مفردا أم جملة ، فالابتداء فى : «من» ، والانتهاء فى : «إلى» ، يتحقق فى الكلمة التى جاءت بعد كل منهما ، وكذلك الظرفية ، والاستعلاء ... وإذا قلنا : ما جاء أحد ... ـ هل غاب أحد؟ فإن النفى والاستفهام ينصبّان على كل مضمون الجملة التى بعده ... وهكذا ...
أمّا الحروف الزائدة ـ ومنها بعض حروف الجر ؛ كالباء ـ فإنها تفيد توكيد المعنى فى الجملة كلها ، لأن زيادة الحرف تعتبر بمنزلة إعادة الجملة كلها ، وتفيد ما يفيده تكرارها بدونه (١) سواء أكان الحرف الزائد فى أولها ، أم فى وسطها ، أم فى آخرها ؛ مثل : بحسبك الأدب ، وأصلها : حسبك الأدب ، أى : يكفيك ، أو : كافيك ، فالباء داخلة على المبتدأ ، كدخولها عليه وهو ضمير فى نحو : كيف بك؟ (وأصلها ... كيف أنت؟) (٢) وكدخولها عليه بعد «إذا الفجائية» فى نحو : رجع المسافر ؛ فإذا بالأصدقاء فى استقباله.
وكدخولها على الفاعل فى مثل : كفى بالله شهيدا ، وأصلها : كفى الله شهيدا. وعلى الخبر فى مثل : الأدب بحسبك ... فالباء مع تقدمها أو توسطها أو تأخرها قد أكدت معنى الجملة كلها.
هذا ، والحرف الزائد قد يعمل ؛ كباء الجر ، أو لا يعمل مثل : «ما» الزائدة ، فى مثل : إذا ما المجد نادانا أجبنا ... وهناك الشبيه بالزائد يعمل ، وينحصر فى بعض حروف الجر ؛ كربّ ، ولعلّ ، الجارتين ... و «لو لا» على اعتبارها جارّة. وحرف الجر الزائد والشبيه به لا يتعلقان (٣) ، إلا أن الزائد «كالباء» يزاد لتوكيد المعنى الموجود. أمّا «رب» فتفيد معنى التقليل أو التكثير ، «ولعل» تفيد الرجاء ... فهما ـ كغيرهما من الشبيه بالزائد ـ يفيدان معنى جديدا يطرأ على الجملة ؛ لا تقوية المعنى الموجود قبل مجيئهما. وكذا «لو لا» فإنها تفيد الامتناع ؛ وهو معنى جديد يطرأ على الجملة.
__________________
(١) راجع شرح التصريح ج ٢ باب : حروف الجر عند الكلام على زيادة : «الكاف».
(٢) راجع هذا الأصل فى أول باب المبتدأ م ٣٣.
(٣) تفصيل هذا فى الباب الخاص بحروف الجر (ج ٢).