المسألة ٥ :
الحرف (١)
من ، فى ، على ، لم ، إن ، إنّ ، حتى ...
لا تدل كلمة من الكلمات السابقة على معنى ، أىّ معنى ، ما دامت منفردة بنفسها. لكن إذا وضعت فى كلام ظهر لها معنى لم يكن من قبل ، مثال ذلك : (سافرت «من» القاهرة) ... فهذه جملة ؛ المراد منها : الإخبار بوقوع سفرى ،
__________________
(١) النحاة يسمون الحروف : «أدوات الربط» ؛ لأن الكلمة إما أن تدل على ذات ، وإما أن تدل على معنى مجرد (أى : حدث) ، وإما أن تربط بين الذات والمعنى المجرد منها. فالاسم يدل على الذات ، والفعل يدل على المعنى المجرد منها ، والحرف هو الرابط. وحروف الربط نوعان ، نوع يسمى : «حروف المعانى» ، لأنه يفيد معنى جديدا يجلبه معه ، ونوع ليس للمعانى ، وإنما هو زائد أو مكرر ؛ لتوكيد معنى موجود ، ومثله : «ما» الزائدة ، و «الباء» ، و «من» وغيرها من الحروف الزائدة أو المكررة (مثل : نعم ، نعم ، أو : لا. لا ...) لإفادة توكيد المعنى القائم. والذين يعتبرون التوكيد معنى ـ على الرغم من أنه ليس جديدا ـ يدخلون هذا النوع فى حروف المعانى. أما غيرهم فلا يدخله فيها ، وهذا هو المشهور. وأكثر الكوفيين يقتصر على تسمية الحروف : «أدوات». أما تفصيل الكلام على حروف المعانى ، وأحكامها ، وما يتصل بها ، ولا سيما تعلق شبه الجملة بها. التعلق بها ، ففى موضعه المناسب ؛ كالذى فى ج ٢ ص ٢٠٠ م ٧٨. حيث حروف الحر ، وفى ج ٣ حيث حروف العطف وح ٤ حيث النواصب والجوازم. وحروف الربط بنوعيها غير حروف المبانى التى سبقت فى هامش ص ١٣ بقى بيان المراد الدقيق الذى يقصدونه حين يقولون : هذا اللفظ ـ حرفا كان أو غير حرف ـ «زائد». لقد تباينت آراؤهم فى تعريف الزائد. وخير ما يستخلص منها : أنه الذى يمكن الاستغناء عنه ، فى الغالب ، فلا يتأثر المعنى بحذفه ، وربما لا يستغنى عنه فتكون معنى زيادته هو تركه مهملا لا يؤثر فى غيره ولا يتأثر بغيره ـ سواء أكان فى أصله مهملا مثل : «لا» النافية الزائدة ، أم كان فى أصله عاملا ، مثل : «كان» الزائدة. وفيما يأتى بعض ما دونته المراجع خاصا بهذا. (ا) جاء فى المغنى عند الكلام على الحرف : «لا» ما نصه :
(من أقسام «لا» النافية ـ : المعترضة بين الخافض والمخفوض ، نحو : جئت بلا زاد ، وغضبت من لا شىء. وعن الكوفيين : أنها اسم ، وأن الجار دخل عليها نفسها. وأن ما بعدها خفض بالإضافة. أما غيرهم فيراها حرفا ، ويسميها زائدة ، كما يسمون : «كان» فى نحو : (محمد كان فاضل) زائدة ، وإن كانت مفيدة لمعنى ، وهو المضى والانقطاع. فعلم أنهم قد يريدون بالزائد المعترض بين شيئين متطالبين ، وإن لم يصح المعنى بإسقاطه ؛ كما فى مسألة : «لا» فى نحو : غضبت من لا شىء ، كذلك إذا كان يفوت بفواته معنى ، كما فى مسألة : «كان» ، و «كذلك» «لا» المقترنة بالعاطف فى نحو : ما جاءنى محمد ولا على ، ويسمونها : «الزائدة» وليست بزائدة البتة ، ألا ترى أنه إذا قيل : ما جاءنى محمد وعلى ... ؛ احتمل أن المراد نفى مجىء كل منهما على كل حال ، وأن يراد نفى اجتماعهما فى وقت المجىء ؛ فإذا جىء بكلمة : «لا» صار الكلام نصا فى المعنى الأول. نعم هى فى قوله تعالى (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ ..) لمجرد التأكيد ، وكذا إذا قيل لا يستوى حامد ولا محمود اه أى : لأن اللبس غير محتمل فى المثالين الأخيرين مطلقا. ولهذا إيضاح فى ح ٣ م ١١٨ ص ٥٤٨ باب العطف ، عند الكلام عند ما انفردت به واو العطف. وجاء فى شرح المفصل ح ٧ ص ١٥٠ عند الكلام على : «كان» الزائدة ، أن معنى زيادتها : ـ