زيادة وتفصيل :
ورد فى بعض النصوص القديمة ـ اسم «أن» المخففة من الثقيلة ضميرا بارزا ، لا ضميرا محذوفا. ومعه الخبر جملة فعلية أو مفرد. من ذلك قول الشاعر يخاطب زوجته :
فلو أنك فى يوم الرّخاء سألتنى |
|
طلاقك ، لم أبخل وأنت صديق |
فقد وقعت «الكاف» اسم : «أن» وخبرها جملة : سألتنى. ومثل قول الآخر :
لقد علم الضيف والمرملون (١) |
|
إذا اغبرّ أفق (٢) وهبّت شمالا (٣) |
بأنك ربيع (٤) وغيث مريع |
|
وأنك هناك تكون الثّالا (٥) |
ففى البيت الثانى تكررت «أن» المخففة مرتين ، واسمها ضمير «بارز» فيهما ، وخبر الأولى مفرد ، وهو كلمة : «ربيع» ، وخبر الثانية جملة فعلية هى : «تكون الثمال». وقد وصفت هذه الأمثلة الشعرية بأنها شاذة ، أو بأنها لضرورة الشعر ، كما وصفت نظائرها النثرية بأنها شاذة. فالواجب أن نقتصر على الكثير الشائع الذى سردنا قواعده وضوابطه ، منعا للاضطراب فى التعبير ، دون محاكاة هذه الشواهد التى تخالفها ، والتى نقلناها ، ليعرفها المتخصصون فيستعينوا بها على فهم ما قد يكون لها من نظائر قديمة. دون أن يحاكوها.
* * *
__________________
(١) الفقراء. المفرد : مرمل.
(٢) المراد : اسودت الدنيا فى عين الإنسان : من شدة بؤسه وحاجته.
(٣) أى : هبت الريح شمالا. فكلمة : «شمالا» حال منصوبة. وصاحب الحال هو الضمير المستتر ، فاعل الفعل : «هب». وهبوب الشمال البادرة العاصفة فى بعض المواسم والبقاع قد يكون باعث فزع ، ودليل قحط.
(٤) كالربيع موسم النضرة ، والفواكه ، ونمو الزروع ، ونضجها ؛ فأنت ـ مثله ـ محبوب نافع. «مريع» خصيب. والغيث الخصيب ، هو : المطر الغزير الذى يكون من آثاره إنبات الزرع ، والخصب الكثير.
(٥) الثمال : الذى يغيث المحتاج ، ويعين من يستعين به.