مراعاة للرأى الذى يحتم إضافة «حيث» للجمل ، دون الرأى الآخر الذى يبيح إضافتها لغير الجملة.
ومثل المواضع السابقة ما عطف عليها ؛ نحو قوله تعالى : (..... اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ ، وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ ...) فالمصدر المؤول وهو «تفضيلى» معطوف على المفعول به : «نعمة» ، وكذلك ما أبدل منها ؛ نحو قوله تعالى : (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ ، أَنَّها لَكُمْ ... ،) فالمصدر المؤول ، وهو : استقرارها وكونها ... بدل من إحدى. وهكذا ...
ولا يكون هذا المصدر المؤول مفعولا مطلقا ، ولا ظرفا ، ولا حالا ، ولا تمييزا ولا يسد مسد «مفعول به» أصله خبر عن ذات (١) ، نحو : ظننت القادم إنه عالم. فلو فتحت الهمزة لكان المصدر المؤول من : «أنه عالم» ؛ مفعولا ثانيا للفعل : «ظننت» مع أن أصل هذا المفعول خبر عن كلمة : «القادم» فيكون التقدير «القادم علم» فيقع المعنى خبرا عن الجثة (٢) ، وهذا مرفوض هنا إلا بتأويل لا يستساغ مع أنّ.
د ـ من الأساليب الفصيحة : «أحقّا أنّ جيرتنا استقلّوا (٣) ... يريدون ؛ أفى حق أن جيرتنا استقلوا. فكلمة : «حقّا» ظرف زمان (٤) ـ فى الشائع ـ ، والمصدر المنسبك من «أنّ» مع معموليها مبتدأ مؤخر. ولهذا وجب فتح همزة «أن». أى : أفى حق استقلال جيرتنا.
ويصح أن تكون كلمة ؛ «حقّا» ، مفعولا مطلقا لفعل محذوف تقديره : حقّ (بمعنى : ثبت) والمصدر المنسبك فاعله ، أى : أحق حقّا استقلال جيرتنا؟ وأحيانا يقولون : «أما أنّ جيرتنا استقلوا». فكلمة : «أما» (بتخفيف الميم) (٥) بمعنى : حقّا ، ويجب فتح همزة «أن» بعدها.
__________________
(١) جثة.
(٢) المانع الحق : هو استعمال العرب الفصحاء ، وكراهتهم فتح الهمزة فى مثل هذا الموضع.
(٣) بمعنى : أحقا أن جيراننا ارتحلوا. والجيرة جمع : جار.
(٤) كما فى الخضرى والتصريح ، آخر باب الظرف ـ والظرفية هنا مجازية. وبيان هذا فى باب الظرف ج ٢ ص ٢٢١ م ٧٩.
(٥) إذا كانت «أما» ـ مخففة الميم ـ حرف استفتاح وجب كسر همزة : «إن» بعدها. ـ كما سيجىء فى ص ٥٨٨ وفى رقم ٣ من ص ٥٩٥.