أن يقع المصدر المؤول من : «أن ومعموليها» اسما لأختها المكسورة الهمزة (١). فإذا أريد ذلك وجب الفصل بينهما بالخبر ، فيتقدم بشرط أن يكون شبه جملة (٢). نحو : إن عندى أن التجربة خير مرشد. إن فى الكتب السماوية أن الرسل هداة للناس ... وقد سبق أنه يجوز وقوع «أنّ» مع معموليها اسما للأحرف الناسخة ـ ومنها : أن ـ (أى : أن يكون المصدر المؤول اسما للحرف الناسخ) بشرط أن يتقدم عليه الخبر شبه الجملة.
ح ـ أشرنا ـ فى ص ١٨١ ـ إلى بعض مواضع المصدر المؤول من «أنّ ومعموليها». وقد يقع فاعلا لفعل ظاهر كما رأينا أو مقدر ؛ نحو : اسمع ما أنّ الخطيب يخطب. أى : ما ثبت أن الخطيب يخطب ، (مدة ثبوت خطبته) وذلك لأن «ما» المصدرية الظرفية لا تدخل ـ فى أشهر الآراء ـ على الجملة الاسمية المبدوءة بحرف مصدرى (٣). ومثلها العبارة المأثورة : «لا أكلم الظالم ما أنّ فى السماء نجما. أى : ما ثبت أن فى السماء نجما ...»
ومن الفعل المقدر أيضا أن يقع ذلك المصدر المؤول بعد : «لو» الشرطية ؛ نحو : لو أنك حضرت لأكرمتك. فالمصدر المؤول فاعل محذوف ، والتقدير : لو ثبت حضورك ... لأن «لو» شرطية لا تدخل إلا على الفعل فى الرأى المشهور. والأخذ به أولى من الرأى القائل : إن المصدر المؤول مبتدأ خبره محذوف وجوبا ، أو مبتدأ لا يحتاج إلى خبر. لأن فيهما تكلفا وبعدا (٤).
وقد يقع ذلك المصدر نائب فاعل ، نحو قوله تعالى : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ... ،) وقد يقع خبرا عن مبتدأ الآن ، كالأمثلة
__________________
(١) أشرنا لهذا فى رقم ٢ من هامش ص ٥٧١.
(٢) راجع شرح المفصل ج ٨ ص ٧١. ويذكرون فى سبب المنع أن كل واحدة منهما تفيد التوكيد وحرف التوكيد لا يدخل مباشرة على نظيره. هذا إلى أن دخول إن المكسورة على أختها قد يوقع فى الوهم أن المفتوحة الهمزة أضعف فى إفادة التوكيد من المكسورة الهمزة ؛ فجىء بهذه لتجبر الضعف ، مع أنهما متساويان وكل هذا تعليل متكلف ومصنوع ، وإنما التعليل الحق هو محاكاة العرب الفصحاء ...
(٣) إذ الحرف المصدرى لا يدخل على نظيره لغير توكيد لفظى. (كما سبق فى رقم ١ من هامش ص ٣٧٣).
(٤) بيان الأسباب فى ج ٢ ص ١٢٢ م ٦٩ باب : «الاشتغال» ـ وفى باب : «لو» من الجزء الرابع.