المسألة ٤٧ :
نفى الأخبار فى هذا الباب وحكم زيادة «باء الجر» فيها وفى الأسماء
إذا دخلت أداة نفى على فعل من أفعال هذا الباب (غير «ليس» ، و «زال» وأخواتها الثلاثة) فإن النفى يقع على الخبر ؛ فتزول نسبته الراجعة إلى الاسم ؛ ففى مثل : ما كان السارق خائفا ـ وقع النفى على الخوف ، وسلبت نسبته الراجعة إلى السارق ؛ فإذا أردنا إثبات هذا الخبر ، وجعل نسبته موجبة مع وجود أداة النفى (١) ـ أتينا قبله بكلمة : «إلّا» فنقول : ما كان السارق إلا خائفا ؛ لأنها تنقض معنى النفى ، وتزيل أثره عن الخبر متى اقترنت به. وفى مثل قول الشاعر :
لم يك معروفك برقا خلّبا (٢) |
|
إن خير البرق ما الغيث معه |
وقع نفى خلابة البرق على المعروف. فإذا أريد إثباتها قيل : لم يك معروفك إلا برقا خلّبا. كل هذا بشرط ألا يكون الخبر من الكلمات التى ينحصر استعمالها فى الكلام المنفى وحده ، مثل : يعيج (٣) ؛ فإن كان منها لم يجز اقترانه بكلمة : «إلا» ؛ ففى مثل : ما كان المريض يعيج بالدواء ، لا يقال : ما كان المريض إلا يعيج بالدواء. وفى : ما كان مثلك أحدا (٤) ، لا يقال : ما كان مثلك إلا أحدا.
فإن كان الفعل الناسخ هو : «ليس» (وهى معدودة من أدوات النفى) (٥) فالحكم لا يتغير (من ناحية أن المنفى بها هو الخبر ، وأنه إذا قصد إيجابه وبقاء نسبته إلى الاسم وضعنا قبله : «إلا» ، وأنه إذا كان من الألفاظ التى لا تستعمل إلا فى
__________________
(١) بسبب بلاغى ؛ كالحصر مثلا.
(٢) البرق الخلب : الذى لا مطر بعده. وهذا لا خير فيه للبلاد التى ترتوى بالمطر.
(٣) بمعنى : ينتفع ؛ نحو : ما يعيج فلان بالدواء ، أى : ما ينتفع به. لا التى بمعنى : أقام ، أو وقف أو رجع ، أو غيرها مما لا يلازمه النفى. ومثل : «يعيج» كلمة : أحد ، وديّار ، وكلاهما بمعناها ، وكذا : عريب ... فهذه كلها لا تستعمل إلا فى كلام منفى ؛ نحو : ما فى البيت أحد ، أو : ما فيه ديار ، أو : ما فيه عريب.
(٤) بشرط أن تكون الهمزة أصلية ... وهذا غالب فى غير كلمة «أحد» بمعنى «واحد» التى يصح استعمالها فى الإثبات والنفى. (راجع رقم ٢ من هامش ص ١٨٩ حيث الإيضاح لكلمة : أحد).
(٥) الكلام عليها فى ص ٥٠٦.