المسألة ٤١ :
مواضع اقتران الخبر بالفاء
الخبر مرتبط بالمبتدأ ارتباطا معنويّا قويّا (١). ويزيده قوة بعض الروابط اللفظية ؛ كالضمير العائد عليه من الخبر ، وكغيره مما عرفناه ، ولهذا كان الغالب عليه أن يخلو من الفاء التى تستخدم للربط (٢) فى بعض الأساليب الأخرى. فمن أمثلة الخبر الخالية من الفاء : العمل وسيلة الغنى ـ النظافة وقاية من المرض ـ التجارة باب للثروة ...
ومن الألفاظ التى ليست خبرا ولكنها تحتاج ـ أحيانا ـ إلى الفاء الرابطة بينها وبين ما سبقها : جواب اسم الشرط (٣) المبهم (٤) الدال على العموم ؛ (لكونه لا يختص بفرد معين ؛ وإنما هو شائع) ؛ مثل : من يعمل خيرا فجزاؤه خير. فكلمة «من» اسم شرط ، يدل على العموم ، وبعده فعل الشرط مستقبل الزمن ؛ وهو (٥) : (يعمل) ، ثم يليه جملة اسمية هى جواب الشرط ، أى : نتيجته المترتبة عليه ، التى يتوقف حصولها فى المستقبل أو عدم حصولها على وقوعه أو عدم وقوعه ، وهى : «جزاؤه خير». وقد اقترنت هذه الجملة الاسمية بالفاء ؛ فربطت بينها وبين جملة الشرط. ودل هذا الارتباط على اتصال بين الجملتين ، وأن الثانية منهما نتيجة للأولى. ولو لا الفاء الرابطة لكان الكلام جملا مفككة ، لا يظهر بينها اتصال. ومثل هذا كل أسماء الشرط الأخرى الدالة على الإبهام والعموم ، والتى لها جملة شرطية ، تليها جملة جواب مقرون بالفاء ...
__________________
(١) لأن الخبر محكوم به ، والمبتدأ محكوم عليه ، كما عرفنا ؛ فلا وجود لأحدهما ـ من هذه الناحية ـ بدون الآخر.
(٢) لأنها تدل على السببية والتعقيب.
(٣) فى هامش ص ٦٤ و ٤٧٧ الكلام على المبتدأ الذى يليه أداة شرط. وبيان الخبر والجواب.
(٤) فى ص ١٨٦ معنى : «الإبهام» ـ ثم فى ص ٣٠٥ و ٣٠٦ وهامشهما بيان المبهم من الأسماء خاصة ، ومعنى إبهامه.
(٥) فعل أداة الشرط الجازمة مستقبل الزمن دائما ، ولو كان فعلا ماضيا فى اللفظ ؛ لأن كل أدوات الشرط الجازمة ـ وبعضا من الشرطية غير الجازمة ـ تجعل فعل الشرط الماضى فى اللفظ مستقبل الزمن من حيث معناه ، وكذلك فعل الجواب. (راجع ص ٥٦).