وحكم هذا النوع أنه لا يجوز فيه العطف ؛ لأن الخبرين أو الأخبار شىء واحد من جهة المعنى ، والعطف يشعر بغير ذلك (١). كما لا يجوز أن يفصل فيه بين الخبرين أو الأخبار فاصل أجنبى ، ولا أن يتأخر (٢) المبتدأ عن تلك الأخبار أو يتوسط فيها.
ثالثها : أن يتعدد الخبر فى لفظه ومعناه ولكن تعدده فى هذه الحالة يكون تابعا لتعدد المبتدأ فى نفسه حقيقة أو حكما. ويوصف المبتدأ بأنه متعدد فى نفسه حقيقة حين يكون ذا فردين أو أفراد ، أى : حين يكون مثنى أو جمعا ؛ نحو : الصديقان مهندس ، وطبيب. ونحو : السباقون غلام ، وشاب ، وكهل. ففى المثال الأول تعددت أفراد الخبر فكانت فردين ، يستقل كل منهما عن الآخر ؛ تبعا لتعدد أفراد المبتدأ المثنى ؛ إذ يشمل فردين. وفى المثال الثانى تعددت أفراد الخبر فكانت ثلاثة أفراد ـ على الأقل ـ تبعا للأفراد المقصودة من المبتدأ الجمع. فالمبتدأ المثنى فى المثال السابق فى قوة مبتدأين لكل منهما خبر ، والمبتدأ الجمع فى قوة ثلاث مبتدءات لكل منها خبر ... وهكذا.
ويوصف المبتدأ بأنه متعدد حكما حين يكون منفردا (أى : شيئا واحدا) ولكنه ذو أجزاء وأقسام ؛ نحو : جسم الإنسان رأس ، وجذع ، وأطراف. ونحو : البيت غرفة للضيوف ، وغرفة للأكل ، وغرفة للقراءة ، وغرف للنوم. ونحو : حديقة الحيوان جزء للوحوش ، وجزء للطيور ، وجزء للقردة ... و... و...
والفرق بين هذا النوع وسابقه أن المبتدأ فى النوع السابق لا بد أن يكون ذا فردين أو أفراد ، وكل فرد له كيان مستقل كامل ، يتركب من أجزاء متعددة. أما فى هذا النوع فالمبتدأ فرد واحد ، لكن له أجزاء ، ومن هذه الأجزاء مجتمعة يتكون الفرد الواحد.
وحكم هذا النوع أنه يجب فيه عطف الخبر الثانى والثالث وما بعدهما ، على الأول (٣) ؛ بشرط أن يكون حرف العطف الواو ، ومتى عطف الخبر زال عنه اسم
__________________
(١) لأن العطف ـ غالبا ـ يقتضى المغايرة ؛ فالمعطوف غير المعطوف عليه من جهة المعنى ، إلا حين تقوم قرينة قوية على توافقهما فى المعنى ، وأن العطف للتفسير.
(٢) سبقت الإشارة لهذا فى رقم ١٠ من مواضع وجوب تأخير الخبر ص ٤٥٤.
(٣) مع صحة تقديم الأخبار كلها على المبتدأ وتأخيرها كلها عنه ، وإلى تعدد الخبر يشير ابن مالك إشارة مختصرة بقوله :