صارت محكية. والخبر مفرد يتضمن معناها ، كأن يقول قائل : أريد أن تدلنى على آية قرآنية ، وعلى مثل قديم ، وعلى حكمة مأثورة. فتجيب : (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً) آية قرآنية. (إن أخاك من واساك) مثل قديم. (ربّ عيش أهون منه الحمام) حكمة من حكم المتنبى. فالآية كلها من أولها إلى آخرها مبتدأ مرفوع ، بضمة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية. وكلمة : «آية» هى الخبر. وكذلك (إن أخاك من واساك) كلها من أولها إلى آخرها مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره ، منع من ظهورها حركة الحكاية ، والخبر كلمة : «مثل» وكذا يقال فى : «رب عيش أهون منه الحمام».
وكما تتكون الجملة المحكية من مبتدأ وخبره تتكون من فعل وفاعله ، ومن غير ذلك. والمهم فى الألفاظ المحكية أن تكون دائما بصورة واحدة فى جميع الحالات الإعرابية ، ولكنها مع ذلك فى محل رفع ، أو نصب ، أو جر ؛ على حسب موقعها الإعرابىّ.
ح ـ أشرنا (١) إلى أنواع من المبتدأ تحتاج إلى خبر حتما وإلى وجوب أن يكون هذا الخبر جملة ـ ويلحق بها نوع يجب أن يكون خبره شبه جملة (جارّا مع مجروره) ـ وأشهر تلك الأنواع المحتاجة لجملة : أسماء الشرط الواقعة مبتدا (٢) ، وكذا : ضمير الشّان (٣) ، و «كأيّن (٤) الخبرية الشبيهة بكم الخبرية ، والمخصوص بالمدح والذم إذا تقدّم ، والمنصوب على الاختصاص ؛ فإنه يجب فيه أن يتقدم عليه اسم بمعناه يعرب مبتدأ ، ويعرب الاسم المنصوب على الاختصاص مفعولا به لفعل محذوف تقديره : أخصّ ـ مثلا ـ والجملة خبر عن ذلك المبتدأ. ويجب أن يكون خبر «ما» التعجبية جملة ، وكذلك خبر المبتدأ الملازم للابتداء سماعا ؛ نحو : طوبى للمؤمن ؛ فإن خبره لا يكون إلا جارا مع مجروره وهما شبهيان بالجملة ... ـ ومثله وقولهم فى المدح : لله درّ فلان ... وغير هذين مما سيجىء (٥).
__________________
ـ أحدهما : اعتبار الجملة مجزأة جزأين ، كل منهما له إعرابه ، ومجموع الجزأين هو الخبر. وثانيهما اعتبارها جملة محكية ؛ لا ينظر فيها إلى تجزئة ؛ فتعرب كلها خبرا محكيا.
(١) فى ص ٤٠٣ ، وفى رقم ٢ من هامش ص ٤٣٣.
(٢) تفصيل الكلام عليها فى الباب الخاص بالجوازم ج ٤.
(٣) سبق الكلام عليه مفصلا فى ص ٢٢٦.
(٤) بيانها وتفصيل أحكامها فى ج ٤ الباب الخاص بكم وكأين ، فى الصبان ، هناك أن خبرها جملة فعلية ـ فى الأكثر ـ ماضوية ، أو مضارعية.
(٥) فى ص ٤٣٦ وفى «ج» من هامش ص ٤٩٥.